رحم الله شهداء حافلة المعتمرين الفلسطينيين ،والتعازي الحارة بهذا المصاب الجلل ،الذي يتكرر بين الفينة والاخرى ،بفعل حوادث تحصد الالاف سنويا على طرقنا ،وتحديات عدة ليس أولها الطريق ولا اخرها السائق.
البحث في السبب الآني سواء كان تجاوزا خاطئا أو سرعة زائدة ليس حلا ، ولكن يجب الالتفات الى جملة من الاسباب الرئيسية الثلاثة:
- هل طرقنا صالحة للسير وتتوفر عليها متطلبات السلامة العامة ،واللافتات المناسبة ليلا ونهارا؟
- هل الحافلات تبقى صالحة للمسافات الطويلة ؟
- واخيرا هل السائق مؤهل فنيا ونفسيا وجسديا ،لتحمل اعباء السفر الطويل ؟
الدلائل تؤشر الى سلبيات لكل ما ذكر ، فالطريق الصحراوي شريان الاردن عفا عليه الزمن ، والحافلات تنجح في الفحص الفني غالبا ، لكنها دائمة التعطل.
اما السائق فهو مرهق جسديا في الغالب ،وقلق نفسيا ،وقدراته يحسد عليها ، فهو سائق لساعات طويلة ، ميكانيكي عند اي عطل ، وبنشرجي ، وحامل لامتعة الركاب ، وما تمثيلية المشرف الاداري والسائق المساعد الا حبكة لاكمال القصة والاخراج وخاصة في رحلات الحج والعمرة.
ودلائل ذلك ان التحقيقات تقود دائما الى ان السائق مرهق لم ينم طيلة الرحلة سواء في الذهاب او الاياب ، وما على الركاب الا التناوب في الجلوس بجانبه وتزويده بالقهوة والدخان ليبقى صاحيا بمعنى « مصحصح ».
تعميم الحالة هنا جائز ، فالعديد من الحوادث القاتلة ، كحادث « نزول سلحوب « الذي راح ضحيته 32 شخصا ، كشف ان السائق يذهب من اربد الى العقبة ويقود الحافلة لاكثر من ثماني ساعات دون استراحة وقد يطلب منه التكرار.
هذا الحال ينطبق على جل السائقين ، فالغاية عائد مالي لاصحاب الحافلات دون الالتفات الى ان السائق دم ولحم يحتاج للراحة ، فان كان الحادث غفوة عين لثوان ، فان توفير سائقين اثنين في كل حافلة وخاصة للحج والعمرة ضرورة واجبة ، والكل يقول انها مسؤولية الاوقاف اولا واخيرا.
الراي