مصر ام الدنيا كما يقول عنها المصريون كافة سواء العامل منهم او الطبيب يحدث بها امورا غريبة لم نسمع مثلها من قبل.مصر عادة هي من اول الدول العربية التي يعبر شعبها عن تضامنه وارتباطه بكل قضاياه العربية والمصيرية فلم تتوقف المظاهرات فيها لتأييد الفلسطينيين في ازمتهم كذلك فعلوا مع العراقيين وغيرهم.
من صفات الشعب المصري العظيم انه لا يساوم ولا يهادن في سبيل الوطنية العربية والكرامة.
المصريين ومنذ عهد جمال عبد الناصر وهم من حمل راية الاستقلال والتحرير والكفاح على مدى سنوات طويلة وقد استشهد الكثير من ابنائها في سبيل تحقيق الهدف.
حكام مصر على مدى سنوات طوال لم يستطيعوا ان يكبحوا جماح الوطنية في الشعب برغم كل الضغوط التي مورست وادل على ذلك ان اتفاقية السلام مع اسرائيل والتي وقعها انور السادات في الثمانينات واغتيل على اثرها لم تحقق غاياتها في بناء علاقات اجتماعية ما بين الشعب المصري والاسرائيلي وهي اقل الدول تطبيعا.
فالشعب المصري العظيم لم يتنازل عن حقوقه ووطنيته برغم كل الاغراءات التي ساقها الغرب له ليصبح مدجنا وصالحا للاستهلاك ومطيعا.
السؤال الذي يثار الان ما الذي يحدث في مصر؟؟ استفتاء على الدستور ومظاهرات ورفض واستنكار وغيرها.
ففي الاسبوع الماضي كما قرأنا بدأت عمليات الاقتراع في الاستفتاء على التعديلات الدستورية المثيرة للجدل وقد دعت المعارضة الى مقاطعته بالكامل وفي نفس الوقت بدأت الحكومة حملة مناهضة في السعي الى حشد الناخبين للمشاركة فيه وتأييده والتصويت عليه.. ولكن واقع الحال ان الاقبال المصري لم يكن بالمستوى المطلوب.
ويبدو ان الحكومة المصرية كانت متخوفة ان يحدث اختراقات معينة في هذا الاستفتاء ولذلك وضعت الاف القوات الامنية وطوقت مقار احزاب وناشطين.
في المقابل المعارضين لم يسكتوا بل واصلوا الاحتجاج والاعتراض على تعديلات القوانين التي تجريها الحكومة ورفعوا شعارات معادية لتوجهات الدولة واعتبروا هذه التعديلات بمثابة شهادة وفاة للدستور وستودي الى تشيعه الى مثواه الاخير.
اما المعتدلين من الشعب المصري فقد اعتبر ان الحكومة سوف تحقق ما تريده وبدون الاستفتاء وان نتيجتها معروفة سلفا.
الرئيس حسني مبارك قال في كلمة القاها ان هذا الاستفتاء هو استفتاء على مستقبل الوطن وسوف تنعكس نتيجته على مسيرته لعقود مقبلة وان التحولات التاريخية تصنعها الشعوب بارادتها الحرة والتعديلات الدستورية تقطع الطريق على المتاجرة بالدين وممارسة العمل السياسي خارج الشرعية وتستهدف حماية مصر من الارهاب.
المحتجين على هذه التعديلات يقولون انها تلغي الاشراف القضائي الكامل على الانتخابات العامة وتتيح للاجهزة الامنية اعتقال المشتبه بهم في قضايا ارهابية وتفتيش منازلهم ومراقبة مراسلاتهم والتنصت على هواتفهم.
وايضا تمنح رئيس الجمهورية احالة المتهمين في قضايا الارهاب الى المحاكم العسكرية او استثنائية ما يحدث في مصر يجعل المتابع لشؤون الديمقراطية في العالم يتساءل عن سر تعديل الدستور بهذا الاتجاه وهل هو فعلا في خدمة مصر وتحررها وتقدمها ام شيء اخر كما يقول بعض الاسلاميين ان التعديلات سببها مواجهة الاخوان المسلمين والذين حققوا نصرا كبيرا في الانتخابات التشريعية الاخيرة عام 2005 وفوزها بعشرين بالمائة من مقاعد مجلس الشعب.
ويضيفوا هؤلاء الاسلاميين ان هذه التعديلات لا تحصن البلاد في مواجهة الارهاب بل على العكس تفتح ابواب المجهول وتقدم خدمة جليلة للارهاب لانها تغلق ابواب الامل في الاصلاح الديمقراطي.
ما يحدث في مصر يحتاج الى تحليل وتفسير وتدبير ونرجو ان تمر هذه الازمة على خير، فنحن لا نريد للشعب المصري نكسة اخرى بل نريده كما عهدناه قويا متماسكا يدافع عن حريته وحقوقه بكل ما اوتي من قوة وان يبقى عربيا خالصا بعيدا عن التهجين فمصر لديها قوة في العدد والقوة وتستطيع ان تقود المسيرة العربية اذا ما اعيد لها دورها الحقيقي الذي سلب منها في ظل الهيمنة البتروليةة وقوة المال والاقتصاد.