معنى كلمة مصير حسب معجم المعاني هو « ما ينتهي إليه الأمر « وبهذا المعنى مصير الأردن ليس مرتبطا بمصير المنطقة ، صحيح أنه يتأثر به ، ولكن مختلف عنه، وحين نقول «المنطقة» بمعنى الأرض المحددة وفقا لميزة معينة فلا نكاد نجد تعريفا حاسما أو مشتركا ، غير الجغرافيا ، يجمع الأردن مع كثير من دول المنطقة ، فضلا عن الدين والقومية العربية !
يكمن الاختلاف في طبيعة الأنظمة ، ومعايير الانتماء القومي العربي ، والمذهبية الدينية ، وكلها عوامل تم استغلالها لتحطيم ثلاث دول من حولنا هي العراق وسوريا ولبنان ، وحتى في فلسطين المحتلة أمكن استغلال « الطرح السياسي الديني « لفصل غزة عن الضفة الغربية ، فتلك هي المنطقة المحيطة بنا التي تشكل قلب الشرق الأوسط بكل تناقضاته ، الدينية والعرقية ، والاقتصادية والاجتماعية والسكانية ، وحين تفرض الخارطة ايران وتركيا وباكستان وإسرائيل كجزء من هذه المنطقة ، فلنا أن نتصور حجم التناقضات في مقابل حجم الجوامع المشتركة.
قد يخالفني البعض في طرح المسألة من هذه الزاوية ، وأنا أقول سلفا أنتم على حق ، ولكن حين نقرأ التطورات المتعلقة بالأزمة السورية ، ونتابع الاتصالات بشأن تصفية حصيلة الصراع الذي جرى على أرضها ، موصولا بالصراع على أرض العراق ، فلا أظن أننا أمام حلول سلمية من شأنها إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه ، فقد رسمت خطوط وهمية بين المكونات الاجتماعية في البلدين ، لا يحول بين أن تتحول إلى عدة دويلات سوى التوافق الدولي على عدم إنشاء دول جديدة ضمن النظام العالمي للدول القائمة حاليا.
ما سينتهي إليه الأمر من حولنا ليس واضحا ، أما ما يتعلق بنا في الأردن فلم يكن بيننا وبين من حولنا أي شبه في أي وقت ، ولو كان مصيرنا مرتبطا بمصيرهم لأصابنا من السوء ما أصابهم ، وأنا أشير هنا إلى الدول واختلاف الأنظمة ، وليس الشعوب التي نتألم لألمها ، ونقسم رغيف خبزنا معها ، فهم الأشقاء ، الذين فصلتهم عنا قوى الاستعمار حين كنا نحلم معا بمملكتنا العربية الواحدة ، ونحن نخوض ثورتنا العربية الكبرى ، التي سنحتفل بمئويتها قريبا.
مصيرنا نحن بأيدينا ، أما مصير تلك الأنظمة فهو بيد غيرهم ، وكم يحتاجون من توافقات وتنازلات وصفقات إقليمية ودولية حتى يتحول الصراع المسلح إلى صراع سلمي ، يطول فيه الكلام والشعارات الفارغة والمزايدات ، بينما يتلاشى الاقتصاد ، وتتزايد الآفات الاجتماعية ، والمشكلات الصحية والتعليمية والخدمية ، وغير ذلك كثير مما هو ماثل في العراق منذ سقوط نظام صدام حسين !
أقول للذين ما زالوا ينتظرون تغير الأوضاع من حولنا وكأنه تقرير لمصيرنا ، إننا نسير في الاتجاه الصحيح ، فلدينا نظامنا بكل ما هو عليه من نبل ورحمة وتواضع ، ولدينا أرضنا المحمية ببركة من رب العالمين ، ومن جيشنا المصطفوي الباسل ، وأجهزتنا الأمنية ، ومن أهلها الطيبين الملتفين حول مليكهم الذي يشهد القريب والبعيد بحكمته في قيادة سفينته إلى بر الأمان.
هذه ليست مجرد وجهة نظر ، إنها حقائق ملموسة على أرض الواقع ، ومن لا يريد أن يراها فهو جاحد لا يقدر النعمة ولا يشكرها ، بل لا يستحقها أصلا !
الرأي