العقل حين يثأر والأخلاق حين تسقط
د.مهند مبيضين
22-03-2016 02:03 AM
لا مجال لتبرير الثأر في سلوك البشر، قد يقبل الأمر في معارك وحروب الدول والحضارات التي تظل قابلة للاستئناف تحت وطأة قبول الهزيمة أم لا. وهكذا كانت أسباب الحروب وكانت المواجهات، غير أن القادة العظام كانت لديهم أخلاق ويحترمون الخصوم الأكفاء في حروبهم.
بين هذا وذاك ظل الثأر والروح الثأرية تحكم البعض في ممارساتهم والبعض يسلك معارج الكذب والتربص حتى يتحين الفرصة للانقضاض على الخصم واصطياده، وقد لا تكون الفريسة خصماً، لكنها قد تختار لارهاب القوة المضادة، وأخطر ما تكون الثأرية حين تتسرب لعمل المؤسسات والدولة في علائق المسؤولين ببعض.
هنا يصبح الحديث عن الاخلاق عاملاً مهماً؛ ذلك أنها العامل المهم في الاستقامة وممارسة السلطة، فليس من سبيل إلى تجنب هلاك الأمم وترشيدها إلا بالأخلاق وعلى ذلك دار جدل الفلاسفة ومحاولتهم الدؤوبة لتطوير علاقات المجتمع واحلال الفضيلة بين افراده.
في الدولة هناك حديث كثير عن الحاكمية والنزاهة واحترام قرارات المجالس واللجان. وفي الممارسة هناك غياب عن كل هذا، وهناك مزاجية وحسابات ضيقة. وعدالة تغيب وظلم.
المجمتع يقارن ويطالع المواقف والناس أذكياء لكن العبرة لا تصل إلا بعد الوقوع بالخطأ، وفي القيم والموروث حصيلة من الخلق والاخلاق الحميدة، فهذا عنتره يقول:
يخبرك من شهد الوقائع أنني
أغشي الوغي وأعف عند المغنم
وفي بيت اخر يقول :
وأَغُضُّ طرفي ما بدَتْ لي جارَتي
حتى يُواري جارتي مأْواها
ويقول عروه ابن الورد :
وإن جارتي ألوتْ رياحٌ بيتها
تغافَلْتُ حتّى يسترَ البيتُ جانبه.
أما الشاعر الصلوك الشنفرى فيقول في لاميته:
وكلٌّ أبيٌّ ، باسلٌ . غير أنني
إذا عرضت أولى الطرائدِ أبسلُ
وإن مدتْ الأيدي إلى الزاد لم أكن
بأعجلهم ، إذ أجْشَعُ القومِ أعجل
أخيرا الأخلاق تأتي من البيئة والدين والمجتمع كما يقول سارتر وهي عند البعض تنبع من المجتمع ومن الدين وهو ما يراه أنصار النزعة الاجتماعية بأن القيم الأخلاقية نابعة عن تأثير الجماعة في الفرد حيث يقول « دور كايم": "إذا استنكر أحدنا الفاحشة فلأن المجتمع يستنكرها".
السياسة بعيدة عن الأخلاق للأسف، لذلك وجد البعض طرقا لا اخلاقية لاهدافة بدون التفات للوسائل، فكانت مقولة ميكيافيللي «الغاية تبرر الوسيلة» سبيلا للبعض كي يحقق ما يشاء دون الالتفات للوراء، هكذا فعل هتلر وموسوليني وفرانكو، وهناك من وظف الأخلاق للتغيير والـتأثير ونجح وبقي في ذاكرة الأمم الحية مثل غاندي ومانديلا.
المهم ان الساسة في السلطة في العالم قليلا ما يتصرفون بقواعد الأخلاق.
الدستور