مُقاربة أخرى لعولمة الإرهاب !
خيري منصور
22-03-2016 01:48 AM
الندوات التي تعقد تباعا او بتزامن في العواصم العربية حول ظاهرة العنف والإرهاب منها ما يتوقف عن التوصيف ومنها ما يفسر الدم بالدم على طريقة تفسير الماء بالماء، ذلك لأن معظم المقاربات تبقى في النطاق الايديولوجي وما يفرز من تطرف ديني يعيد انتاج المرجعيات من اجل تطويعها لتبرير العنف!
وفي ندوة عقدت مؤخرا في القاهرة استوقفني ما قالته الباحثة البولندية باتريشا ساستال عن الاسباب التي تدفع الشباب في العالم كله وليس فقط في العالمين العربي والاسلامي للانجذاب الى المنظمات الارهابية، وهي بالنسبة اليها سياسية وايديولوجية بقدر ما هي ايضا نفسية واجتماعية وتربوية واقتصادية، لأن الطُعم الذي يستخدم لاصطياد الشبان يشمل هذه النواحي كلها، ويستثمر الفقر والعوز والتشرد والتهميش لهذا فان الارهاب لم تعد له جغرافيا بعد ان تعولم وأية محاولة لحصره في جنسية او دين هي بمثابة التواطؤ ضد عولمته وبالتالي اعفاء البعض لأنفسهم من مسؤولية مواجهته بما تيسر لهم من ادوات ووسائل !
وحين يستخدم البعض عبارة تجفيف منابع العنف والتطرف يسقط منهم سهوا او عن عمد البعد التربوي والثقافي، لأن هناك انماطا من التربية تقدم المادة الخام او القماشة المناسبة لأشد ما يبلغه العنف من تطرف واذا كان المقصود بتجفيف منابع العنف اقتصاديا فقط فان ذلك اقرب الى خداع الذات والاخرين معا.
ان عولمة الارهاب وعبوره لكل الحدود والخطوط والهويات كان بتأثير ثقافة سوداء تسللت الى بشر يعانون من ضياع او فراغ فكري يتيح اصطيادهم، من هنا فان المعالجات البانورامية التي تحيط بهذه الظاهرة هي وحدها المؤهلة لافتضاح المسكوت عنه ثقافيا بالدرجة الاولى.
ومن حقنا ان نتساءل بعد كل تلك المؤتمرات والندوات عن المساحة التي تم بالفعل تجفيفها من الارهاب، وما هي المناهج والبرامج القابلة للترجمة ميدانيا في هذا السياق ؟ ومن بشّروا بالعولمة كمرادف للامركة واستخدموا جراحات غليظة لاستئصال العنف، عليهم الان ان يعترفوا بالوجه الاخر لعملتهم!
الدستور