تعد معركة الكرامة إحدى المعارك الخالدة في ذاكرة الأردن والأمة العربية ، التي كانت ولا تزال جزءًا من تاريخنا العسكري الذي نفاخر به ، وهي صفحة من صفحات الكبرياء الأردني و مجد الوطن وعزائم نشامى جيشه العربي ، و كانت بحق بوابة للنصر على الظلم والاحتلال والعدوان ، حيث سطر فيها نشامى القوات المسلحة-الجيش العربي أروع البطولات والتضحيات دفاعًا عن ثرى الأردن الطاهر ، و لقنوا الجيش الإسرائيلي فيها دروسًا لا تنسى عندما راودتهم مخططاتهم وأطماعهم وأحلامهم التوسعية للنيل من الأردن وأرضه وسيادته ، وإن تلك الأيام لا تزال تنبض بالحياة ، نستلهم منها القوة والعزيمة ، فهي في ذاكرتنا نحن جيل من عاصر معركة الكرامة حيث كانت معركة دفاع عن الوطن وشرف الأمة العربية وكرامتها ، فهي من أعادت للشعوب العربية بعض الكرامة المفقودة بعد خسارة أراض عربية غالية وتشريد أهلها في حرب حزيران 1967، وسطر الأردن فيها قيادةً وشعبًا وجيشًا أروع الأمثلة في الوحدة والتلاحم والوقوف صفا منيعا في وجه الأعداء ، قدم فيها جيشنا العربي نموذجًا عربيًا في حب الوطن والدفاع عن سيادته وكانت بطولات لا تمحى من الذاكرة نقشت على صفحات التاريخ بطولة جنود جيشنا الأوفياء .
- إن الظروف التي سبقت معركة الكرامة قد امتازت بمرارتها وارتباطها بهزائم الجيوش العربية ، وعلى الرغم من ذلك فقد أسقطت المعركة أسطورة الجيش الذي لا يقهر والغرور والغطرسة عند الإسرائيليين والقناعة بأن المعركة عبارة عن نزهة قصيرة الأجل ستحقق أهدافها المعلنة وغير المعلنة ، لكنهم يجهلون حقيقة وطبيعة الشعب الأردني الذي يتسم بالكرامة والشهامة والنخوة العربية الأصيلة ، وروح الجندية المتصلة بذلك الإرث الحضاري الإسلامي وقيم التضحية والفداء للدفاع عن الدين والأرض والشرف ، ما جعلهم يواجهون جنودًا يحرصون على الموت كما يحرص الغزاة أنفسهم على الحياة ، فكانت الروح المعنوية للجندية الأردنية في ذروتها ، مستمدة من شجاعة قيادتها الهاشمية ، وإرثها الحضاري ، ودماء شهدائها في حرب حزيران ، والعزيمة والإصرار على دحر الغزاة المعتدين وردهم خائبين ، فكانت قواتنا المسلحة على ثقة تامة بأن النصر سيكون حليف المؤمنين الصابرين فقاتلوا العدو حتى بلغ الأمر إلى السلاح الأبيض ، وقد بدا من الجيش الإسرائيلي كل جبن وخوف من جنودنا البواسل ، فعلى محور الكرامة وجسر الملك حسين ومثلث المصري ، بإشراف مباشر من جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه الذي كان يقود الجبهة بعزم وإيمان ، كان القتال يدور ليسجل الجيش العربي أروع ملحمة بطولية ويحرز أول نصر تاريخي على الجيش الإسرائيلي المتغطرس.
- - تكمن أهمية معركة الكرامة بتاريخ الأردن والوطن العربي ، في أنها أسست لنظرية جديدة مفادها أن العرب قادرون على هزيمة العدو وأوهام الجيش الذي لا يقهر ، مهما تميز بعتاده وإعداده وتفوقه لأن الشعوب المقهورة والمظلومة على حق تقاتل من أجل سيادتها وأراضيها وحقوقها ضد القوة الغاشمة ، وهذا ما أثبتته وقائع المعركة وعكسته نتائجها ، مما أجبر العدو على طلب الهدنة والانسحاب موشحًا بالذل والهزيمة ، كما تعتبر معركة الكرامة محطة مضيئة في الوحدة الوطنية ، وارتباط القيادة والشعب الأردني بالقضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، وإن هذه المعركة فرضت تحولا كبيرا في الصراع العربي الإسرائيلي وفق كافة المعايير الجيوسياسية والجيوعسكرية، وأرسلت رسائل مهمة للمعتدين بأن الحل العسكري لا يمكن الاعتماد عليه ، وأنه لا بديل عن الانصياع للسلام والاعتراف بحقوق جميع الأطراف.
إن القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي هي درع الوطن الحصين وحماة الديار رسمت في معركة الكرامة على جدار الزمن لوحة بطولية في التضحية والفداء ، و قدمت ، وما تزال، مواكب الشهداء فداءً للوطن ودفاعًا عن أمتنا في وجه الأعداء والمحتلين والغزاة والمارقين في ماضي الأردن وحاضره ، فهم قناديل الحرية والفداء لوطنهم وأمتهم يدافعون عن الحق والدين والحرية وقيم العدالة والإنسانية ، وهم المدافعون عن قيم الوطن وتاريخه ومنجزاته ، وهم سيوف الأردن بقيادة هاشمية يقودها قائد المسيرة المظفرة جلالة الملك عبد الله الثاني الذي نتعلم منه كيف نحمي الدين والتاريخ والوطن ، ودرسًا وعبرة لكل من يحاول المساس بهذا الحمى الأردني الهاشمي.
سيبقى الأردن كبيرًا بقيادته وكبيرًا في أفعاله ، رؤوسنا عالية وهاماتنا مرفوعة بعون الله.
وتحية لقواتنا المسلحة – الجيش العربي بهذه المناسبة
رحم الله شهداء الكرامة ..... وحمى الله الأردن وشعبه الوفي.