سوق عمان المالي يساهم في انحسار الطبقة الوسطى
زياد الدباس
21-03-2016 12:16 PM
خسائر القيمة السوقية لاسهم الشركات المدرجة في سوق عمان المالي منذ بداية موجات التصحيح والتراجع والتي تزامنت مع بداية الازمة المالية العالمية بلغت ٢٦,٨٤ مليار دينار اردني ، وحيث تراجعت القيمة السوقية من ٤٤,٨ مليار دينار وهو أعلى مستوى وصلت إليه القيمة السوقية بتاريخ ١٩حزيران عام ٢٠٠٨ إلى حوالي ١٧,٩٨ مليار دينار في نهاية العام الماضي وبنسبة تراجع بلغت حوالي ٦٠٪.
وخسائر المستثمرين من شريحة الطبقة الوسطى تقدر بحوالي سبعة مليارات دينار ومانسبته ٢٦٪ من إجمالي خسائر السوق وحيث تشكل هذه الخسائر نسبة هامة من ثرواتهم ومدخراتهم. وخسائر المستثمرين غير الاردنيين حوالي نصف قيمة الخسائر الإجمالية نتيجة امتلاكهم حوالي نصف القيمة السوقية الإجمالية لاسهم الشركات المدرجة وباقي الخسائر كانت من نصيب الطبقة الغنية سواء كبار مؤسسي الشركات وكبار المستثمرين ، وهنا لابد من الاشارة الى أن نسبة هامة من المستثمرين في السوق هم من شريحة الطبقة الوسطى وحيث ركزوا في استثماراتهم على أسهم شركات المضاربة دون الالتفات إلى مؤشرات أدائها ومؤشرات ربحيتها وكفاءة إدارتها إضافة الى عدم الالتفات الى مخاطرها المختلفة سواء المخاطر النظامية أو غير النظامية في ظل محدودية الوعي الاستثماري لنسبة هامة من هذه الشريحة.
ودخول أعداد كبيرة من المستثمرين من شريحة الطبقة الوسطى اثناء فترة طفرة السوق أدى الى اتساع قاعده المستثمرين والمضاربين في السوق بنسبة كبيرة ساهم في ذلك طرح وادراج اسهم حوالي ١٠٠ شركة مساهمة عامة جديدة ،بحيث ارتفع عدد الشركات الجديدة المدرجة في السوق من ١٦١ شركة في بداية عام ٢٠٠٤الى ٢٦٢ شركة في نهاية عام ٢٠٠٨ بارتفاع نسبته ٦٢٪.
وللاسف أن معظم الشركات التي طرحت للاكتتاب العام خلال تلك الفترة كان الهدف من تأسيسها المضاربة على أسهمها خاصة وأن الجهات الرقابية لم تاخذ في الاعتبار في تلك الفترة مخاطر الاستثمار في اسهم الشركات حديثة التأسيس بعد السماح لها بإدراج أسهمها في السوق قبل أن تباشر أعمالها التشغيلية وحيث كان من المفترض السماح لهذه الشركات بإدراج اسهمها في السوق بعد مرور عامين على تأسيسها للتأكدمن تحقيقها ارباح وبالتالي التاكد من كفاءة ومهنية ادارتها إضافة آلى مصداقية دراسة الجدوى الاقتصادية لهذه الشركات مما يسهل احتساب سعرها العادل والملاحظ تعثر معظم هذه الشركات والذي أدى إلى خسارة المستثمرين من الطبقة الوسطى نسبة هامة من مدخراتهم.
واللافت أن مؤشرات سوق عمان المالي لم تتعاف منذ بداية الازمة المالية العالمية وتأثرت بشكل واضح من أزمة الربيع العربي وعدم الاستقرار السياسي والعسكري في معظم الدول المحيطة بالأردن ، وتقديراتنا الاولية أن الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها شريحة الطبقة الوسطى ساهمت بتراجع نسبة هذه الشريحة من حوالي ٤٠٪ الى ٢٥٪ من المجتمع الاردني , وحيث تحولت أعداد كبيرة من أفراد هذه الطبقة من المتوسطة الى الفقيرة والذي كان له تأثير سلبي على النمو الاقتصادي وعلى الادخار والاستهلاك والاستثمار والانفاق وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي باعتبارها قوة اقتصادية هامة وقوة منتجة وقوة مستهلكة وقوة عاملة ، ومعظم القيادات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والاستثمارية في الاردن خرجت من رحم هذه الطبقة مع الأخذ في الاعتبار أنه من المؤشرات المهمة لقياس نمو أي مجتمع وتقدمه وتطوره هو قوة هذه الطبقة ونسبتها في المجتمع وفي الوقت الذي تشير فيه الإحصائيات إلى ان الطبقة الوسطى تشكل نحو ١١٪ من اجمالي عدد سكان العالم فان الطبقة الوسطى في بعض الدول المتقدمة مثل السويد والدنمارك وفنلندا واليابان تشكل حوالي ٩٠ ٪ من المجتمع.
وتحسن أداء مؤشرات سوق عمان المالي وفي مقدمتها مؤشرات الاسعار سوف يلعب دور هام في ارتفاع القيمة السوقية للشركات المدرجة وبالتالي الارتفاع التدريجي في ثروة المستثمرين وفي مقدمتهم شريحة الطبقة الوسطى مما يساهم في عوده تعزيز الدور الاقتصادي والمالي والاستثماري والاجتماعي الذي تلعبه هذه الشريحة وحيث مازالت مؤشرات سوق عمان المالي تغرد خارج السرب بالرغم من مضي حوالي سبعة سنوات على الازمة المالية العالمية بينما بالمقابل لاحظنا تحسن مؤشرات أداء معظم الاسواق المالية العالمية والإقليمية خلال فترات زمنية مختلفة خلال الأعوام القليله الماضية وبالتالي لابد من وضع الاليات المناسبة لانعاش السوق للقيام بدوره الاقتصادي والاستثماري الهام ، وللحديث بقية.
"الراي"