الوطن بين الانتماء والدهاء
د. عادل محمد القطاونة
21-03-2016 12:25 AM
جميلة هي الكلمات، قبيحة هي التصرفات، قوية هي الدلالات، ضعيفة هي القناعات وبين كلام وفعل، ودلالة وقناعة بات الانتماء رياءً عند البعض، ورداءً عند البعض الآخر، انتماءً يصفي به البعض حساباته الشخصية بعباءة وطنية وبخيوط اصلاحية، ضارباً الوطن واصلاحه عرض الحائط فالأنا والنحن مدخلات باتت لها قيمة في معادلة الانتماء للوطن ومقدراته ولو كان هذا المدخل ضبابياً تائهاً في توجهاته، ضائعاً في طريقه، فاغتيال الشخصيات وإبدال المتغيرات وإغفال التضحيات وإكمال المؤامرات وإيصال الرسالات وإستغلال الحيثيات لغة لا يتقنها الجميع، ويحترفها البعض في لحظة من الزمان والمكان ودونما اي عنوان يصبح الوطن رسمة لفنان او مخبزاً لطحان.
صباحاً ومساءً يستيقظ المواطن وينام على بعض الأخبار الصادمة في مضمونها، العارية في محتواها، الفاقدة في معانيها لتعيد المواطن الى حالة من القلق والأرق على مستقبل غامض وواقع عارض، يتعارض فيه المنطق مع الواقع، الخبيث مع الطيب، الايجابي مع السلبي ليتساءل البعض عن تعريف دقيق للاقصاء وتفصيل أكثر للدهاء وتحديد أكثر للانتماء، فالوطن بات مسرحاً لمشاريع ايجابية وافكار ريادية وانجازات ابتكارية، كما وبات الوطن مشهداً لمشاريع سلبية وأفكار انهدامية وانجازات انتقامية يحكمها في كل ذلك اجندات شخصية وتفاهمات فردية وتحالفات جهوية.
ان وطناً يرى فيه الجميع نفسه جزءاً من معادلة وطنية قوامها الاحترام والقسم، العمل والأمل، وطناً يكافئ فيه العامل ويبعد فيه الجاهل، وطناً يرفع من الايجابيات ويعصر السلبيات، وطناً يمنح الكرامة للطالب والمدرس، السائق والراكب، الموظف والمسؤول، وطناً حاضناً وبيتاً للجميع، وطناً لا يغتال فيه الانجاز، وطناً لا يقبل الانحياز، وطناً يتغنى فيه المواطن بالعدالة، وطناً يبحث فيه الجميع عن المعالجة لا التشهير والمكايدة !
أخيراً وليس آخراً فان أساساً واضحاً في معادلاتنا الوطنية نحدد فيه مدخلاتنا الوطنية، اولوياتنا الفكرية وفقاً لوصف معرفي متقن يسمح بالتقييم الأكمل للدولة الأمثل، يسمح بأن نرتقي في مفهومنا الفكري من لغة الدهاء الى لغة الاستقراء الذي يبحث عن المستقبل لابناء الاردن بعيداً عن المزايدات والمهاترات التي ارهقت الوطن والمواطن، لغة قوية نتيح من خلالها للشخص القوي فكرياً وعملياً بأن يكون في موقع المسؤولية حتى نبني جيلاً من الشباب القوي معرفةً وعلماً، ثقافة وفكراً، لغة ترسم لتعليمنا الاساسي والعالي أن يكون في موقعه الصحيح في مجالس وهيئات تحكمها الخبرة والحنكة، المصداقية والموضوعية عبر تسلسل تاريخي حافل نقرأ من خلاله ما كان وما سوف يكون، لغة ترسم لمؤسساتنا الاقتصادية والترويجية، الاستثمارية والاقتصادية أن تقرأ الافكار والأشخاص عبر تخطيط استراتيجي أمثل يحقق التكامل بين أجهزة الدولة وعبر تشريع واطار قانوني محكم لننقل الوطن من مسرح في المزايدات الى مسرح في الانجازات.