لا يمكن لأمة أن ترتقي إلا بحُسن الخُلق وعدل السيرة وإستحقاق الفضائل كلها,ولا يمكن لأمة أن تنهض وتتطور إلا اذا كان أبناءها يمتلكون صفات مكارم الأخلاق ومحاسنها,فقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام جامعاً بين محامد الاخلاق ومحاسن الادب "وإنك لعلى خُلق عظيم",فأنار بخُلقه أمة عاشت الجهل وسار بها الى أن وصلت الى ما وصلت اليه من تقدم بفضل خُلق رجل أمي نشر الفضيله بقيمه وأخلاقه العاليه التي إخترقت قلوب البشر أجمعين ,وأحسن الى الناس برقي أخلاقه التي ساعدته على نشر الدين الى أن وصل الى أقصى الدنيا ,وأستعبدته قلوب البشريه وحقق ما حققه من مكانة عاليه ففرح لفرح الناس وحزن لحزنهم ,فخلده التاريخ مجداً بسمو أخلاقه.
يقول الشاعر:
مات قوم وما ماتت مكارمهم وعاش قوم وهم في الناس أموات
ولكننا وللأسف في هذا الزمان نلتقي بأناس يقفون أمامنا ويُنَظرون علينا ,ننبهر من أول وهلة بهم وبمعسول لسانهم ,وبما نستمع اليهم من دروس يلقنوننا اياها ,يَلفت نظرنا مظهرهم من الخارج وزينة ملابسهم التي تُزَين أجساداً نكتشف بعد مرور الزمن أنها بالية قليلة الحياء ,كثيرة الأذى,عديمة الإصلاح ,كثيرة الزلل,كاذبة اللسان ,تخلو من العفة والأخلاق,يُعَشش الحقد والحسد قلوبها ,فينعكس على وجوههم لتبدو صفراء شاحبة بلا حياة ,متلونه مضطربة لا ترضى بالحقيقه التي طعمها مُرٌ على ألسنتهم ,يرضخون لما يريدون حسب نزواتهم ومصالحهم وليس كما يجب أن تَفرض الأخلاق عليهم ,,وهذا يحصل فقط مع عراة القيم والأخلاق الذين يُشعرونا بالخزي منهم ومن إضاعة الوقت في الاستماع الى دروسهم القاحله ومعرفتهم التي يرددوها في كل مجلس لانهم تلقنوها وليس في جعبتهم غيرها ,إلا انهم معروفين بتلوثهم الفكري والإخلاقي عند من يعرف حقيقتهم البشعه لانه لا يمكن للرقي أن يلتقي مع الدون من البشر فلا تنطلي دروسهم على الآخرين وبمجرد ان يسمع البعض أسماءهم ,يديرون بوجوههم عنهم مبتعدين عن أماكن تواجدهم خوفا من أن تتلوث اعينهم بمجرد النظر اليهم فكيف بالاستماع الى دروسهم ؟؟
ولأننا نعيش في زمن بات من السهل جداً كشف الحقائق وعدم ابقائها في الخفاء ,ومن السهل معرفة خصال البشر وإظهار خلاف ما يبطنون أصبحنا ندرك ان من يدعي الأمانة .. خائن,ومن يُعطي العهد..غدار ,ومن يدعي الصدق ..كاذب,,,وأمور عديدة تكشف عُري أخلاقهم لتزييفهم الواقع وفق أهوائهم ,لكنهم سرعان ما ينكشفون ويسقطون لأن حبال الكذب والخداع قصيرة وهشة,وسرعان ما تنكشف أيضاً حيلهم النفسية والفكرية كون من يلجأ الى استراتيجية الخداع بتنظيرهم لتكييف الواقع ومن حولهم حسب نزواتهم ومصالحهم ,غير ملتزمين بالأصل أخلاقياً ,وهؤلاء من يفقدون إحترام الغير لهم وعدم قبولهم عند الناس ,فمن هم بلا فضيله ,غير مرغوب بهم لضعفهم وخسارتهم لأنفسهم قبل خسارتهم لمن تعاملوا معهم وأحترموهم ذات يوم.
لسنا بحاجة الى أمثال هؤلاء أن يقفوا أمامنا ,يحاضرون علينا ,,يشبرون وينظرون بعبارات مللنا تكرارها في كل لقاء,لسنا بحاجة الى عراة من القيم والفضيلة ,من جذورهم ترعرت على أمراض نفسية يُسقطونها على غيرهم لخلوهم من صورة وجه جميل يعكس أخلاقا عاليه,فمن ظاهره غير باطنه لايمكن أن يكون نقيا أو يستحق أن نستمع اليه لان كل صفة تطرأ على القلب يفيض على أثرها السلوك ,ومَن سلوكهم يتناقض مع أقوالهم,,ليس بشرف لنا أن نستمع لأقوالهم وما يُحدثون,وأمثالهم لا نجد لهم الا تصنيف واحد"عراة القيم والأخلاق".
وفي النهاية علينا ان نعي وندرك أننا نرتقي فقط بمجالسة ذوي الأخلاق العاليه وعلينا أن لا نُضيع وقتنا سُدى بالاستماع الى من يُنَظرون وهم بعيدون كل البعد عن ما نستمع اليه منهم وتتناقض تصرفاتهم مع حلو لسانهم ولنتذكر قول الشاعر:
يا أيها المتحلي غير شيمته ومن سجيته الإكثار والملق
عليك بالقصد فيما أنت فاعله أن التخلق يأتي دونه الخلق