المثلث المقدس .. آذار، الأم والربيع والكرامة
د. باسمة السمعان
20-03-2016 02:52 PM
كنا صغارا نمرح في دروب وبيادر هذا الوطن الأكثر جمالا في آذار، الاسرة الأردنية عموما تخرج الى الطبيعة في ايام هذا الفصل الذي يشهد نمنمات أزهار، ونباتات برية، كنا نجمعها ونعود لبيوتنا نطهوها، ونأكل من طيب طين وطننا الذي رواه توا المطر، ودم شهيد.
كنت انذاك مشغولة بجمع "أكبر عدد ممكن من أزهار حمراء، صارخة اللون، فيما كان حديث والدي يصل عبر نسمات لم تمنع التنهدات من الوصول الى مسامعي.
كانا يستذكران شهداء "الكرامة" ، ذات يوم كنا على مقربة من تلك الارض الطهور، حدثني يومها والدي بعد ان لمس شغفي بالدحنون انه الزهر الوحيد الذي لا يهجن، فهو زهر أوطان ، والوطن لا يمكن دمجه.
زهرة بلون الدم، هي لوحة آذار الذي نحتفل به ايضا بيوم المراة وعيد الأم والكرامة، لا اعرف ﺇﻥ ﻛﺎنت ﻣﺼﺎﺩﻓﺔ
ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻴﺪ ﺍﻷﻡ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ والربيع ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻭﺍﺣﺪ.
اليوم نحن اكثر قدرة على اجابة السؤال، لا ليس صدفة فهل ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻡ فرحا بتفتح أزهار عمرها، وهل هناك حب أكبر من ان تهبهم شهداء كرامة فداء للوطن.
الام هي الربيع والارض هي الكرامة ، هي الاقدر على صنع ابطال لا يهابون الموت ولا يخافون تقدمة ارواح لربيع الارض ، الوطن.
اليوم آذار آخر مميز فيه هب نشامى لبوا نداء الواجب ليدافعوا عن ربيع أوطانهم عن تلالها وهضابها فمنهم من امتزجت دمائهم بتراب الوطن واحتضنت الارض أرواحهم الطاهرة كما تحتضن الآم أطفالها ولفت بذراعيها اجسادهم ليصبحوا جزءا واحدا ومثلثا مقدسا، يومها تبعثر ظلام نكسة عاصروها وبددوا ظلام عتمة شتاء دامس ليسطع نور المجد نور بدء ربيع مزهر بهي اعلنوا فيه ولادة يوم انتصار وفخار يوم أعادوا كرامة الوطن، وكرامة اهله.
أذار الأم ، أذار الربيع واذار الكرامة ، هذا المثلث المقدس من المعاني التي اجتمعت في يوم واحد لتكون وحدة واحدة لا تنفصل ، فلازالت الأم التي تحتضن الألم وألأمل ، ألم الشتاء البارد والمظلم ، ألم عالم كثرت به النزاعات والحروب ، ألم التهجير والتشريد ألم القتل والدمار ، لتكون اما مهجرة ونازحة أما للشهيد البطل ، وايضا أما للجندي والقائد والمحامي والمعلم لكي يبزغ دوما من حضنها نور ساطع نور امل بغد جميل.
وفي وطني امهات كثيرات لربيع الكرامة، امهات زرعت الكرامة بذورا فاصبحت اليوم ربيعا، امهات يستحقن فعلا ان يكون لهن في اذار عام من التكريم والكرامة، فهكذا لهم فعلا في اذار امنية كل عام وهن بالف خير.