لم أكن أتوقع يوما أن أمسك قلمي لأكتب موضوعا هو اقرب إلى الرسالة، أقرب إلى الوجدان، والرغبة بالتمسك بأوهى خيوط العودة اللامعقولة.. وعن غياب زميل كالنسمة التي لم تترك الا أثرا طيبا.
نبكيك أيها الأخ العزيز والزميل الفاضل ونذرف الدمع ونحن نودعك.. لا أكاد أصدق أنني حينما أزور اربد لن أراك بعد اليوم، شعرت بوحشة مرعبة وأنا أتخيل أن رحيلك أيها الوفي نهائي.
عندما أمسكت بقلمي لأكتب هذه الكلمات المرتعشة في رثاء هذا الصادق الصدوق الذي رحل عنا وعن دنيانا.. رحل رحيل الزاهدين المخبتين.. ارتعش القلم بيدي وكأن به يقول بم ستستعملني؟! أجبته بصوت وجل مخنوق في رثاء أخ وصديق وزميل ورفيق درب راح وتركنا، إنه ثامر القبلان.. هذا العزيز الذي ترجل عن فرسه باكراً.. هذا الإنسان الرقيق الهادي الوديع المتواضع المتصالح مع نفسه.
لقد أثارت فاجعة رحيلك ومفاجأتها أيها الحبيب غصة في النفس.. وانطفأت لومضة نبلك ونبل إنسانيتك حياتنا.. لا أزال أتذكر تلك الترانيم والكلمات التي همست لي بها يوما في احدى اللقاءات : إذا اجتمع في المرء النبل وحب الخير وكرامة النفس والوقوف عند الحق.. فقد ترك الدنيا وهي أحسن مما وجدها.. وقد كنت كذلك أيها الطيب، وهذا عزاؤنا فيك، وأي عزاء؟. ايها العزيز.... أبكيك ويبكيك كل زملائك في دائرة الاراضي والمساحة وكل من عرفك وجلس معك واستمع إلى أحاديثك.
أخي.. لقد غادرتنا على عجل، وبمغادرتك سيخسرك الوطن بأكمله الذي ظللت حتى آخر لحظة تحترق من أجله.. لقد رحلت عن الدنيا وأنت زاهد فيها وقد تركتها أحسن مما وجدتها.
أيها الطيب، وأنت في عالمك الأبدي.. لا نملك إلا أن نقول: لقد مسنا الضر بفراقك.. وإنا على فراقك لمحزونون ومنكسرون.
فمقام الرثاء، ومشاعر الحزن، ولوعة الفقد تتداخل بعضها في بعض، مما يشفع لنا بأننا لم نوفيك حقك،وقديما قيل: "ليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة".
فالثانية (محترفة) والاولى (محترقة)، وشتان!!
رحم الله فقيدنا الغالي واسكنه فسيح جناته.. واحسن الله عزاء كل محبيه و (إنا لله وإنا إليه راجعون)