الانسحاب الروسي : هل سيعيدنا للوراء .. ؟!حسين الرواشدة
17-03-2016 03:16 AM
ما لا يريد ان يفهمه الكثيرون (خاصة الانظمة التي بطشت بشعوبها والمصفقون لها ) هو انه لا يتحرك احد في العالم ، وتحديدا الدول الكبرى ، الا في دائرة مصالحه ، ومصالحه فقط، وبالتالي فان الرهان على الآخر ، مهما توافقت المصالح ، يظل محدودا ومشروطا ومؤقتا ، وقابلا للتغيير في اية لحظة. لم تتدخل روسيا في سوريا من اجل عيون الاسد ، ولا انسحبت ايضا لتقوية موقف المعارضة في جنيف ، ما فعلته في الحالتين يمكن فهمه في سياق واحد لا غير وهو : طبيعة المهمة التي “حاربت” من اجلها ، وفيما اذا كانت حققت مصالحها ام لا..؟ حين ندقق في طبيعة المهمة نجد انها جاءت في اطارين: التحولات الدولية التي انهت حقبة انفراد القطب الاوحد ، والصراع على سوريا وعلى المنطقة عموما بعد ما يسمى بالربيع العربي، وبالتالي لا يمكن لروسيا التي استيقظت فيها “نزعة” الامبراطورية على يد بوتين ان تبقى تتفرج او ان تكون محايدة ، واستجابة لهذه الفرصة التي استغلها بوتين فان مهمة التدخل العسكري في سوريا كانت مصممة تماما لتحقيق انجاز سياسي ، وهو باختصار تأمين موطئ قدم لموسكو يضمن لها اقتسام كعكة النفوذ في المنطقة ، وهذا لا يمكن ان يتم الا من خلال مسارين “ احدهما انجاز عسكري على الارض يعيد التوازن للقوى المتصارعة ويسمح بفرض الشروط على كافة الاطراف لانضاج اي تسوية ، والآخر اتمام صفقة توافقات مع القوى الدولية ( امريكا تحديدا ) يضمن لموسكو حصتها ، بحيث لا تخرج من المولد بلا حمص ، ولا تتورط في المستنقع بلا نتيجة، والتوافقات هنا لا تتعلق فقط بسوريا والمنطقة ، بل تتجاوزهما الى ملفات اخرى ما تزال عالقة بين القطبين الكبيرين( امريكا وروسيا) سواء في اوكرانيا او ملف النفط والغاز او الحصار والاقتصاد..الخ. روسيا ، اذا ، انجزت المهمة ، بما يحقق مصالحها او جزءا منها ، ثم تركت للاخرين المنشغلين بالمفاجأة حرية الاختصام والجدل ومحاولة فك اللغز ، البعض فهم ما حدث وكأنه انقلاب على الاسد ، او تعارض للمصالح مع ايران ، او محاولة للهروب بأقل ما يمكن من خسائر وافضل ما يمكن من مصالح، البعض الآخر اعتقد ان الانسحاب حركة تكتيكية وان روسيا لم تغادر سوريا ، وبالتالي فان العملية مجرد ضغط سياسي لتمرير جنيف ، فيما رأى آخرون ان السعودية دخلت “بالنفط” على الخط الروسي ، وقدمت لها مكافأة “نهاية المهمة “ لقطع الطريق امام خطة”ب” التي لوّحوا بها امام موسكو وحلفائها.
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة