نصر عظيم .. رغم أنوف المهرجين
عاطف الفراية
16-07-2008 03:00 AM
الحمد لله الذي رزقني هذه اللحظة .. وهي الوحيدة في سني عمري الخمس والأربعين التي عشتها وجيلي في ظل هزائم متتالية على كل الصعد.. قادتها الحكومات والأنظمة العربية.. هذه هي اللحظة الأولى التي أشعر فيها باكتمال نصر يتحقق على عدو أمتي بأيدي مقاومة تنتمي إلى أصغر وأضعف الدول العربية وأكثرها تفككا.. إنها اللحظة الأولى التي تمنح من يعيشها مزيدا من قناعة العقل والقلب بهشاشة وصغر ما يسمى بإسرائيل. في هذه اللحظات نتابع بفخر وفرح واعتزاز.. عبر الشاشات عملية تبادل أسرى تخضع لشروط المنتصر بكل تفاصيلها .. وتظهر بما لا يدع مجالا لشك أن حلقات النصر الذي بدأته المقاومة اللبنانية الباسلة وطليعتها حزب الله قد اكتملت.. وأن ما نراه الآن هو الثمرة السياسية الناضجة لانتصار حقيقي في ميدان القتال.
ما يجري اليوم من المنطقي أن يشعر أمامه العرب جميعا بالخجل والانكسار.. لست أدري كيف يسوّق العرب على أنفسهم أنهم أمام عدو ضخم وكبير لا يستطيعون أمامه فعل شيء.. يا للخجل.. العدو الذي يرعب الأمة كلها ينحني لكل تفاصيل شروط حزب.. وليس دولة.
في خضم هذا الحدث التاريخي.. ما زال لدينا من يتكلم بأسلوب (عنزة ولو طارت..) وما زال هناك من يوجه الشتائم الفارغة التي يعزي بها نفسه . ويلصق بالمقاومة أوصافا مضحكة.. فهي فارسية تارة..وذات أجندة خارجية تارة..وأتباع الولي الفقيه تارة ثالثة...الخ ..(حققوا لنا عشر ما حققت وكونوا أتباع الولي غير الفقيه... أو أتباع تامر حسني..واحنا قابلين) ..
ومن طبع هؤلاء أن يغضوا الطرف عن كل ما ينقض أقوالهم . فلا يلحظوا خطاب حزب الله العروبي الإسلامي العام الذي ينفي عن نفسه الطائفية. فيكفي لسد حلوق هؤلاء إصراره على إطلاق الأسرى التونسيين التسعة.. والفلسطينيين أحياء وأموات. وسعيه المتواصل لإطلاق أسرى عرب مختلفي الجنسيات. في حين أن من يلوكون الكلام في هذه المقاومة لم يخبرونا ما الذي فعلوه هم بالمقابل. وكيف يبررون عجزهم؟
تابعت الحرب التموزية 2006 ولم أكتب شيئا.. وكنت أقرأ المهازل والاتهامات العجيبة الغريبة . أدهش مرة وأضحك مرارا.. والكل يشتم.. والمقاتل لا يرد.. بل ينتصر فقط. لم أكتب في الشأن السياسي المباشر حتى الآن. لم يكن في الشأن السياسي المباشر ما يغري .. هذه اللحظة التاريخية فقط هي التي تستحق. لأنها ترد لمعايشها شيئا من احترامه لذاته. ومع ذلك أراهن أننا لن نعدم من يقلل من شأنها.. ويلوي عنقها.. وينظّر علينا بأنها انتصار وهمي تصنعه إيران..وهكذا.
لا بأس.. ليتنا نعيش كل يوم مثل هذا الفرح.. ونتحمل في سبيل ذلك نعيق الأدعياء والمضحكين والمهرجين والظرفاء من أصحاب (الزمامير) المصنوعة في دوائر الحكومات المتخاذلة.
http://atefamal.maktoobblog.com/