القرارات الصعبة مؤجلة مؤقتاماهر ابو طير
15-03-2016 02:09 AM
علينا ان ننتظر قرارات اقتصادية متدرجة خلال الفترة المقبلة، تؤدي في المحصلة الى رفع اسعار الخبز، والكهرباء، ورسوم الجامعات، وقرارات اخرى، مطلوبة دوليا، من اجل تخلص الموازنة من عجزها، وتخلص موازنات مؤسسات مستقلة من عجوزاتها. هذه هي البوصلة، والحكومات لدينا، لاتمانع في تنفيذ هذه البرامج، لكنها تحاول تقسيطها فقط حتى يستوعبها الرأي العام، ويتحدى العارفون اي حكومة جديدة، اذا ماكانت قادرة على عدم تنفيذ هذه البرامج، لانها اولا مطلوبة دوليا، ولان هناك عجوزات كبيرة لاحل لها، الا بتحرير كل الاسعار. المواطن يعيش حياة صعبة اقتصاديا، وهو لايتفهم اساسا قصة العجوزات، ويشك في اسعار النفط الذي يباع له، لكنه لايعرف من جهة اخرى، ان هذا الحال سوف يزداد حدة، لان دولا كبيرة مثل الولايات المتحدة الاميركية تقدم مساعدات مالية للاردن، تعتبر ان هناك سياسات خاطئة اقتصاديا، ابرزها دعم بعض السلع، وللمفارقة فأن المواطن لايصدق في الاساس قصة الدعم، وانه يحصل على ماء او كهرباء او خبز بسعر اقل من السعر الاساس، وفقا لمنطوق الحكومات. لكن اللافت للانتباه هنا، ان هذه القرارات لن تتوقف، و مايؤخر الحكومات لدينا عن اتمام حزمة تحرير الاسعار، او رفع الدعم، امران، اولهما الوضع السياسي الاقليمي وتوتراته واخطاره على الاردن، والثاني الرغبة لاعتبارات داخلية بتقسيط هذه القرارات حتى تمر بشكل تدريجي وهادئ. هذا يعني ان اسعار المياه والكهرباء، سترتفع في توقيت معين، ويعني ايضا ان سعر الخبز سوف يرتفع، مقابل الوصفة المعتادة، اي التعويض النقدي، او منح بطاقات خاصة للاردنيين، بحيث يشتري بقية المقيمين الخبز بسعر مرتفع، وفي ظل مصاعب الخزينة التمويلية، واحتمال غياب بعض المساعدات المتوقعة، فأن التسارع في تنفيذ القرارات المؤجلة، لن يستمر على مايبدو. من ناحية سياسية، يعتقد البعض ان رحيل حكومة، ومجيء حكومة جديدة، سوف يخفف من هذه السياسات، وهذا ظن خاطئ تماما، فالقصة في احد جوانبها لاتتعلق بشخصية الرئيس او بطبيعة حكومته، فهي قرارات للدولة، قبل ان تكون للحكومات، لكن المآخذ على الحكومات تتعلق عموما، بعدم قدرتها على ادارة المشهد الاقتصادي وتحفيزه على اصعدة اخرى للتخفيف من حدة هذه القرارات، والاغلب ان حكوماتنا تتذرع بالوضع العسكري الاقليمي، لتبرر عدم قدرها على انعاش الاستثمارات والسياحة والصناعة وغير ذلك من قرارات. لكننا بصراحة نشهد سياسات اقتصادية مرهقة جدا لكل القطاعات، فغلاء اسعار الطاقة، وجنون الايجارات، والضرائب المفروضة، وغير ذلك من تصرفات لجهات رقابية على القطاعات العاملة في البلد، كل هذا بات يؤدي الى تدمير بنية هذه القطاعات، ومن الطبيعي ان نسمع يوميا عن اغلاقات في القطاع الخاص، وهذا اكبر خطأ تتسبب به الحكومات، لان القطاع العام مرهق وغير تشغيلي، فلماذا تتم ملاحقة القطاع الخاص ايضا، وانهاء كل القطاعات المنتعشة فيه تدريجيا، بحيث يتضرر الجميع، وتفيض البلد بالبطالة. يقال كل هذا الكلام، حتى يستعد الناس، لهبوط اضطراري جديد، وحتى يعرف كثيرون، ان المستقبل ليس سهلا، بل ان احد المسؤولين لدينا يقول بلهجة عامية ان علينا ان نحمد الله مليون مرة اذا بقينا اقتصاديا بهذا الحال، ولم نتراجع اكثر واكثر تحت وطأة الاقليم الذي يحترق، وتحت وطأة الخزينة التي تلتهمها الديون والفوائد والقروض والالتزامات.
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة