يعدّ الأمن الوطني للدولة ضرورة سياسية وثقافية واقتصادية واجتماعية ، وهي الوظيفة الرئيسة العليا للدولة الأردنية في حماية المصالح الوطنية المشروعة ، تعمل عليه أجهزتها ومؤسساتها ؛ فهو يؤثر في تكوين شخصية الفرد والدولة ، ويعمل على تشكيل الهوية الوطنية ، وتعميق الولاء والانتماء للوطن والقيادة ، وهو يمثل ركيزة أساسية لاستقلال الدولة ووحدتها وازدهارها ، ويعمل على تهيئة الاستقرار للمواطن ، والأمان لتاريخه وموروثه الحضاري ، ويحمي حدود الدولة ويحفظ سيادتها الداخلية والخارجية ، فلم يعد الأمن الوطني بمفهومه الشامل مقتصرًا على الأمن العسكري والدفاعي ، بل تعداه إلى الحفاظ على التماسك الاجتماعي للجبهة الداخلية ، وتعزيز الوحدة الوطنية وتحقيق المشاركة المجتمعية ، فيعتمد الأمن الوطني الأردني على منعة المجتمع وتماسكه وصلابته وتعزيز عوامل قوته الذاتية لحماية أرض الوطن واستقلال إرادته ، وضمان أمن شعبه وحريته ، وتوفير مقومات الحياة الكريمة للمواطن ، بما يحقق أمنه المادي واستقراره النفسي والاجتماعي.
لقد كان الأردن في طليعة الدول التي تنبهت إلى ضرورة المعالجة الشاملة لتحديات الإرهاب في المجالات الفكرية والتربوية والاجتماعية في موازاة المواجهة الأمنية والعسكرية ، لسد الطريق أمام القتلة من التكفيريين والمتطرفين الذين يمارسون هوايتهم في القتل تحت عباءة الإسلام زوراً وبهتاناً ، فالإرهاب فكر مريض وغريب عن الإسلام ، وعن ثقافة الأردنيين ، لأن ترويع الآمنين ليس من الإسلام في شيء ، وقتل النفس محرم ، فالإسلام قائم على الاعتدال والوسطية والتسامح والرحمة ، وقد أعطى مرتبة عالية لقيمة الحياة ، قال تعالى : ( ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيما).
إن الحرب على الإرهاب وعلى التعصب والتكفير هي حربنا حرب الاعتدال والوسطية والتسامح ضد العنف والغلو والتطرف ، فعصابات التكفير والتطرف تشوه صورة ديننا الحنيف ، وتروع الآمنين وتقتل الإنسان في أبشع مخالفة لهذا الدين وكل الأديان والشرائع ، فمن الواجب علينا أن نمنعهم من تحويل بلدنا إلى ساحة لجرائمهم ، فمحاولاتهم متكررة لفعل ذلك وسجلات أجهزتنا الأمنية حافلة بهذه المحاولات لاختراق حدودنا والعبث بأمننا ، وقد أثبتت الأحداث الأخيرة في إربد أن خياراتنا الأمنية صائبة ، وأن المحافظة على الأمن أولوية الدولة الأولى ، فنحن بحاجة إلى الأمن الخشن لأن القتلة لا يثنيهم عن غيهم إلا الصارم البتار ، والأمن الناعم لم يعد مجديًا مع هذه الزمرة المارقة.
مرة تلو أخرى يثبت رجال قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية أنهم ملح الأرض وزيتونها وسنديانها الذي يستظل به أبناء الوطن لأنهم حماتها ، فهم أبناء القبائل والعشائر العربية الأصيلة وهم أبناء إرث حضاري إسلامي عظيم يعلي مكانة الشهادة ويكرم الشهداء ، فهم من يقدمون النفس عبادة لله ثم فداء للوطن والأمة ، فبطولاتهم في معارك الشرف دفاعًا عن القدس واللطرون وباب الواد ومعركة الكرامة وفي الجولان ومعارك الوطن والأمة في التحرر والوحدة والاستقلال لا زالت في الذاكرة الأردنية ، فقد كانوا يتسابقون إليها ويندفعون اندفاع السهم من قوسه ، فهم يولدون بالفطرة جنودًا ومشاريع شهادة ، فقد داهمت قواتنا المسلحة / الجيش العربي وأجهزتنا الأمنية البطلة كعهدها دائمًا برباطة جأش أوكار خفافيش الظلام في إربد ، تلك الفئة المارقة من الخوارج الجدد الذين ساورتهم الأوهام وحاولوا النيل من استقرار أمن بلدنا فردتها إلى نحرها ، فهذه الفئات الضالة المضللة التي تاهت الطريق وتفرقت بها السبل ، هم الرافضون والساقطون من حملة الأراجيف والشعوذة والأفكار السوداء الدخيلة التي يحملونها في رؤوسهم الفارغة التي لا يقرها ديننا الحنيف دين الوسطية والعقل والتسامح ، فوطننا بجيشه العربي وقواته الأمنية يضيئون قناديل الحرية والكرامة لهذا الوطن بنور التضحية والفداء التي يقدمها رجاله المؤمنون بربهم المنتمون لوطنهم وقيادتهم الذين أقسموا أن يعيشوا من أجل الأردن الأغلى والأبهى بناءً ونهضة ليبقى سيد الزمان والأوطان ، فقد أقسم الأردنيون أن لا يمر هؤلاء القتلة من بين صفوفهم وأنهم سيكونون لهم بالمرصاد على طول المدى.
-إن جنود هذا الوطن سيوف بتارة أصيلة في وجه الأعداء والمارقين ، فهم نبات الجنوب ضاربة الجذور في أعماق التاريخ، وهم نسمات سهول حوران وهضاب البلقاء وهم شهامة الكرك ومعان وعبق إربد وعجلون وكل بقعة من وطننا الغالي ، حيث ممالك المجد التي قامت فوق هذا الثرى الأردني نبطية ومؤابية وأدومية ، حيث انكسر كل الغزاة من التتار والمغول والصليبيين والمستعمرين ، وهم أبناء وادينا الأخضر المزروع بأضرحة الشهداء معاذ وشرحبيل وأبو عبيدة ، تذكرنا صباح مساء أن أرضنا أرض خير رجال وشهادة تنبت نبتًا طيبًا مباركًا على امتداد الزمن.
-هذا هو حال الأردنيين الأوفياء توحدهم التحديات والصعاب يسيرون على خطى قيادة هاشمية عظيمة نذرت نفسها لوطنها وشعبها، فهي تعيش في الوجدان ، قيادة حكيمة ....رحيمة بشعبها ... صاحبة الأنفة والشكيمة القوية ، فالأردن تحرسه عين الله وسواعد رجال أشداء لا يهابون الموت، يؤمنون بأن تراب هذه الأرض نار ونور، فهي نار تحرق المعتدين والمارقين والخوارج الجدد ، وهي نور يضيء بالتضحية والفداء ، فالتضحية بالأرواح من أجل الوطن وسلامته واجب على كل أردني أصيل، وإن الشهادة ستبقى عنواناً لحماية الوطن والذود عن ترابه الطهور ، والشهداء هم من يهبون لشعبنا أمنًا واستقرارًا وللوطن الحياة ، وإن قوافل الشهداء لن تتوقف من أجل الأردن ، فهي درب الخالدين في ذاكرة الأردن وشعبه الوفي ، درب عبد الله الأول شهيد القدس... ودرب وصفي التل وهزاع المجالي .... ودرب فراس العجلوني وموفق السلطي ودرب معاذ الكساسبة وراشد الزيود ، .... وقوافل المجد والكرامة لن تتوقف.
-سيظل هذا الحمى العربي الأصيل واحة للأمن والاستقرار ومثالاً للتقدم والتنمية والقدرة على مواجهة التحديات وتحقيق الإنجازات وملاذًا أمنًا لكل الأشقاء العرب الباحثين عن الأمن والحرية ، مؤكدين وقوفنا والتفافنا حول القيادة الهاشمية وقواتنا المسلحة/ الجيش العربي وأجهزتنا الأمنية صفًا واحدًا عيوننا على وطننا نراقب ونرصد بوعي ومسؤولية كل من يفكر المساس بأمن الوطن ليكون الوطن منيعًا ، ونعمل على تمتين جبهتنا الداخلية والحفاظ على وحدتها وتماسكها لتكون عصية على الاختراق ، لتفويت الفرصة على المتربصين بالوطن وأمنه واستقراره من قوى الشر والظلام.
وليبق بلد التين والزيتون .... وأرض الشيح والزعتر ... والسوسنة والدحنون ......
بلد الحرية والكرامة والكبرياء.