تعزيز الثقافة الأمنية لدى المواطن
د. هايل ودعان الدعجة
14-03-2016 01:21 PM
يسجل للمواطن الاردني وعيه وأدراكه وتعاطيه المسؤول مع الاحداث التي عصفت بالمنطقة منذ عام 2011 فيما اصطلح على تسميته بالربيع العربي ، واضعا نصب عينيه مصلحة الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره حتى لا ينزلق في المتاهات التي جرفت الكثير من دول المنطقة الى مستنقع الفوضى والاضطرابات. وبدا انه على قناعة بان الاردن صاحب مشروع اصلاحي ويسير وفق خارطة طريق اصلاحية عنوانها التدرج والتوافق ، وان ما يطالب به من اصلاحات مدرجة على الاجندة الوطنية ، ولا داعي لركوب موجة الفوضى والانفلات التي ركبها غيره من شعوب الدول المجاورة التي باتت مهددة في رزقها وامنها وعرضها ، حتى انها تركت اوطانها بحثا عن الامن والامان.
هذا المشهد كان ماثلا امام المواطن الاردني ، الذي أخذ يقارنه بما ينعم به من امن وأمان واستقرار وقيادة هاشمية ملهمة تسبقه في الرؤى والطروحات الاصلاحية ، وتتواصل وتتفاعل معه للوقوف على مطالبه واحتياجاته وتضع على سلم اولوياتها تحسين مستوى معيشته والاوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها البلد ، حتى انه أخذ باعتباره ظروف الوطن وامكاناته المحدودة. وإذا ما ذهبنا إلى ما شهده الوطن قبل أيام من ملحمة بطولية نوعية سطرها نشامى المخابرات العامة وأجهزتنا الامنية والعسكرية في اربد قادت الى احباط مخطط ارهابي وهو في مهده ، لأدركنا حجم الدروس الوطنية ذات الابعاد الامنية التي استفاد منها المواطن الاردني ، بطريقة عززت من ثقافته الوطنية ومسؤوليته المجتمعية ، وبات مدركا لمفهوم الامن الشامل ، وضرورة ان يكون جزءا من المنظومة الامنية اتساقا وتفعيلا لدوره الوطني ، وأحساسه بانه يقف على ثغرة من ثغور الوطن ، بحيث لا يسمح لدخول المخاطر من قبله. ولأن أكثر سلاح يمكن ان يحمله ويتسلح به للقيام بهذه المهمة الوطنية هو سلاح المعلومة ، فان الواجب الوطني يحتم عليه التعاطي المسؤول مع اي موقف قد يثير شكوكه، ويعتقد انه قد ينطوي على مخاطر أمنية من خلال المبادرة بابلاغ الجهات الامنية المعنية بالامر ، والتي لديها من المهنية والحرفية ما يجعلها قادرة على تتبع هذه المعلومة والتعامل معها بمسؤولية وبما يصب في مصلحة الوطن وامنه، بعيدا عن الصورة السلبية التي ( كانت ) تسيطر على ذهنية بعض المواطنين ، وافرزت عندهم عقدة الخوف والتردد في التعامل مع القضايا ذات الابعاد الامنية ، ولو من باب الابلاغ او تمرير معلومة قد تمس بأمن البلد واستقراره. ما يذكرنا بما قاله مدير الامن العام الاسبق المرحوم محمد ماجد العيطان حول حادثة تفجيرات فنادق عمان « تبين ان كافة العاملين في الفنادق راودتهم الشكوك حول الارهابيين ، الا ان احدا منهم لم يبلغ الاجهزة الامنية عن شكوكه «. ما يؤشر الى اهمية تنمية الحس الامني ونشر الوعي الامني عند المواطن ، بحيث يشعر بان الحفاظ على امن الوطن يمثل مسؤولية مجتمعية مشتركة ، وان الجميع مطالب بتفعيل دوره في هذا المجال. ولربما لا نجانب الصواب اذا ما قلنا بان الاحداث والتحديات التي تواجه الاقليم ، قد اسهمت في تعزيز ثقافة المواطن الاردني الامنية ، وبدا دوره حاضرا وفاعلا في التعاطي المسؤول مع المشهد الوطني بكل تفرعاته الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها أكثر من أي وقت مضى ، بصورة أكدت حرصه وغيرته على وطنه ، والتفافه حول قيادته الهاشمية والقوات المسلحة الباسلة / الجيش العربي والاجهزة الامنية ، ما جعل من هذه الخصوصية الاردنية نموذجا يحتذى في كيفية مواجهة التحديات والمخاطر التي تعاني منها دول المنطقة.
"الراي"