طويت الصفحة الأخيرة من كتاب كوابيس سياسية التي كتبها الدكتور زهير أبو فارس الذي أعرفه صديقاً طبيباً نقيباً للأطباء مثقفاً حركياً في المجتمع مديرمستشفى, وهو صاحب رأي فيما يحدث في الحياه العامة على مستوى الأردن الوطن, ومستوى العالم العربي الذي يمر بالأحداث الجسام, وما تشهده دول عربية عديدة, نكبتها الدكتاتورية, بصراع دموي جعل الحليم حيران.
كتاب كوابيس سياسية, الذي كتبه الدكتورزهير أبو فارس كتب مقالاتها العديدة المتنوعة الموضوعات, كتب مقدمة الكتاب دولة الأستاذ طاهر المصري الشخصية السياسية التي يحترمها الجميع, بسبب توازنه واعتداله, وتواصله الدائم مع القواعد الشعبية في مدن المملكة, وبمختلف المناسبات, وذكر دولة طاهر المصري في المقدمة, أن كاتب الكوابيس طرق هموم الوطن والمواطن بهدف مواجهتهما للتحديات, وذكر أيضاً في المقدمة أن الكاتب نقد السياسة ولم ينتقد القيادة, نقد الفكر ولم ينقد الأشخاص, وهذا أدب سياسي رفيع. نتمنى لو ان كل منا يتعاطى بالشأن العام يترفع عن سفاسف الأمور, ويناقش الفكر والاتجاه ولم يتطرق الى الأشخاص بسوء, لا سيما أن العالم العربي في العقود الأخيرة حيث سيطر الاتجاه الواحد والرأي والواحد وتم احتكار الصواب من احزاب معينة, لا تملك الحد الأدنى من خلق الفضيلة والاستقامة, بل ساهمت فكرة احتكار الصواب من أحزاب ذات اتجاهات وسياسات دكتاتورية أن جعلت الناس لا يثق بعضهم ببعض.
ولأن بوصلتنا السياسية لا تسير في الاتجاه الصحيح ذكر دولة طاهر المصري مقولة غاندي صانع استقلال الهند الحديثة( أن الشعب الهندي عندما يتحد ضد الاستعمار, يقوم الاستعمار بذبح بقرة والقائها في الشارع ليشعل فتيل الصراع ما بين المسلمين والهندوس ويلتهون بالصراع الطائفي عن محاربة الاستعمار فهل نتعض.
الدكتورزهير ابو فارس بحق يتحدث عن الكابوس الأكبر الذي تعاني منه الآمة العربية والاسلامية هو كابوس فلسطين, الذي ولد كل الكوابيس المرعبة التي نعيشها نحن العرب في المائة الأخيرة, هذا الكابوس الذي اناخته علينا الصهيونية العالمية ومن يدعمها في الشرق والغرب اللذين لا يريدون للعرب أن يمارسوا أدوارهم في صناعة الحضارة وقيادة دفة الانسانية ونشر السلام والأمان للعالم كمايهدف الى ذلك الاسلام .
الدكتور زهير يرى بحق أن كابوس فلسطين, هو صراع وجودي مع حركة ايدولوجية صهيونية استئصالية تستهدف المكان أرض فلسطين ضمن مشروعها الاستيطاني الاحلالي.
ومما يزيد كابوس فلسطين مرارة, ما يتعلق بالقيادات والرؤى والاهداف وآليات واساليب العمل, هذا الكابوس سبب الكثير من الأخطار والنكسات حيث وصلت في مراحل الى خطايا بحق الشعب الفلسطيني الذي لم يبخل على قضيته بقوافل الشهداء.لأن القيادات الفلسطينية (مثل القيادات العربية لا تقبل النقد, بل تعتبره اهانة واستهدافاً لشخوصها وكياناته, مع أن النقد في حقيقته طهارة سياسية تجعل من يتعرض للنقد يراجع مواقفه وقناعاته, وكثيراً ما يهدي النقد الصادق البناء الى الصواب.
يرى الدكتور أبو فارس ان الثورة بعد ان فقدت الرومانسية تحولت الى هياكل ومؤسسات تمنح الدعم والهبات والامتيازات واصبحت هياكلها الادارية والمالية والأمنية لا تختلف عن غيرها من الأنظمة العربية.
ينتقد زهير ابو فارس بمرارة فصائل الثورة الفلسطينية التي انحازت لهذا النظام العربي أو ذاك, وتحمست له بشده مع انه كان من الاولى أن تبتعد عن صراعات العرب مع بعضهم من أجل ان يبقى كل الفرقاء العرب مع قضية فلسطين, ومحاربة الصهيونية, ان سياسية القرار الفلسطيني المستقل تنتزع القضية من حاضنتها العربية والاسلامية مما جعل السلطة الفلسطينية تدخل في مفاوضات عبثية لم ولن توصل الى نتيجة.
أن كوابيس زهير أبو فارس السياسية كثيرة ومتعددة, وتوجب من يقرأها أن يقف عند كل كابوس ويسأل نفسه لماذا حدث ذلك, زمان كان من يتعلم في دول الاتحاد السوفياتي الذي تفكك, لا يتم تعينه في مؤسسات الدولة وهو واحد منهم لم يعين كطبيب في الصحة في أي مكان وهذا خطأ, لأن العلم يطلب ولو في الصين كما جاء في الحديث النبوي, إن مجموعة كبيرة من الذين تعلموا في الاتحاد السوفياتي ولم يتم تعينهم, تحولوا لشخصيات عامة وغنية يشارلهم بالبنان أما لو تم تعينهم بأجهزة الدولة لتحولوا الى متقاعدين ينتظرون الموت.
بعد تجارب سياسة عديدة تأكد للدكتور ان العمل في اطار الدولة الأردنية اولى من الوقوف خارجهاو لأن من يريد الإصلاح يطالب به وهو في داخل المؤسسات لا خارجها لا سيما ان نظام الحكم في الاردن فيه أنسنه واحترام لحقوق الانسان واحترام الخصوصيات الفرعية لكل مكونات الشعب, وكذلك فإن الوطنية الاردنية تكونت وتطورت منذ نشأت الدولة, وهي وطنية لم تتسم بالعصبية والفئوية او الانعزالية بل كانت وما زالت وطنية جامعة.
أما كابوس ........ الاسلاميون والعودة لقواعد اللعبة ؟ فقد ناقشه الدكتور زهير بعمق , باعتبار ان الحركة الاسلامية ذات جماهيرية عريضة ومكون أساسي من مكونات الوطن, ويجب ان تشارك في الحياة السياسية, وتطرح رؤيتها للأحداث متوخية مصلحة الساحة الأردنية اولاً وهذا حق وحذر أيضاً أنه يوجد داخل مؤسسات الدولة من لا يريد خيراً للحركة الاسلامية ولا يريد منها ان تشارك في الحياة السياسية, لذلك نجد ان أصحاب هذا الموقف يتشددون كثيراً ويؤمنون بالإقصاء.
وكذلك يوجد أفراد متشددون داخل الحركة الاسلامية ويملكون حدة وتطرف في التعامل مع الأخر ولكن القاعدة العامة والواسعةللإسلاميين تمتاز بالاعتدال, والميل الى الحوار والاتفاق على القواسم المشتركة.
وكابوس آخر ناقشه مؤلف كوابيس سياسية هو, لا لإضعاف العمل النقابي, ومعروف تاريخاً ان النقابات المهنية الاردنية كانت وما زالت عنواناً على نجاح الديموقراطية وحرية الاختيار, وتبادل المواقع داخل الجسم النقابي بطريقة سليمة دون تشنج من هذا الاتجاه او ذلك الاتجاه لكن البعض من ضيقي الافق السياسي لا يريد للنقابات ان تحافظ على موروثها وممارستها دورها المهني والوطني, وبحق ان النقابات في المملكة الاردنية الهاشمية عنواناً صارخاً للحرية وسط العالم العربي المضطرب والكابح لكل الحريات.
حقاً أن كتاب كوابيس سياسية يستحق ان يقرأ لأنه أدب سياسي رفيع.
الدستور