الجبهة الشمالية .. الركود السياسي .. أيهما يفرض نفسه!
سميح المعايطة
13-03-2016 12:01 PM
عندما تتحدث مختلف الأوساط عن موعد حل مجلس النواب ومن بعده رحيل الحكومه فان الامر ليس مرتبطا فقط بالموقف من أشخاص هذه المؤسسات بل هي اولا حالة الركود السياسي التي تعيشها الساحة السياسية مع استمرار عمل الحكومة ثلاثه أعوام ونصف العام حتى الآن، وهي حالة لم تحدث منذ اكثر من عشر سنوات، وكل ما يتم من حديث عن انتخابات نيابية قادمة سيتم تحديد موعدها بعد حل المجلس ورحيل الحكومة هو رغبه لدى أوساط شعبية وسياسية في كسر هذا الركود وفتح الباب لتغيير ما ربما لن يكون مدهشا لكنه يحمل إجواءا جديده فيها وجوه جديده واحداث فيها حراك ونشاط في كل المحافظات.
في بلادنا مدرسة سياسية او شخصيات تفضل السكون، وتعمل على استثمار اي ظرف إقليمي لغايات ترجيح كفة السكون، وهذه المدرسه تعمل باجتهاد لجعل فكره اجراء الانتخابات النيابية نقيضا للمصلحة الاردنية في التعامل مع ملفات اخرى وتحديدا الملف السوري،وهي ذات المدرسة التي كانت تحاول إقناع اصحاب القرار في عام ٢٠١٢ بتأجيل الانتخابات تحت مبرر الحراك والربيع العربي.
والمشكلة ان هذه المدرسة السياسية المحافظة جدا تعتقد ان عدم اجراء الانتخابات هو الذي سيجعل الدولة اكثر قدرة على اداره الملفات الاخرى، والبعض يحاول الخلط بين مصالحه وحساباته الشخصية وبين الملف العام، ويغمضون عيونهم عن حاجة الدولة الى مرحلة لانعاش الحياة السياسية والعامة، وان مزاج الأردنيين السياسي والشعبي لم يعد قادرا على احتمال بعض الوجوه والسياسات، وان التغيير هو جزء من عملية بعث الحياة في الحياة العامة، كما ان الانتخابات النيابية عمليه دستورية، وان إجراءها في موعدها الدستوري دليل قوه الدولة وقدرتها على ادارة المراحل الصعبة.
وعلى خط مواز يستمر الملف السوري حاضرا في الحالة الاردنية، ورغم ان العملية السياسية تحركت ولو بشكل محدود من خلال وقف إطلاق النار،الا ان ملف الاٍرهاب وداعش مازال حاضرا ولم يتأثر بكل المسار السياسي وبالتالي فان التعامل الحازم مع هذا الملف وبخاصة بعد عملية اربد بقي حاضرا وربما ازداد، وإذا كان هناك قرار من الدول الكبرى بتصعيد العمل ضد داعش خدمه للعملية السياسية فان الاْردن سيكون من اكثر الدول حماسا لهذا العمل انسجاما مع موقفه التاريخي من التطرّف والارهاب.
اما الجبهة الشمالية او الجبهة الجنوبية سوريا فانها مصدر قلق للأردن، فالمصلحة الاردنية وأمنه وأمن مواطنيه تقتضي ان تكون تلك الجبهة غير مشتعلة، ولهذا تحدث جلاله الملك بوضوح قبل ايام عن عمل أردني لبناء هدنة قوية في جنوب سوريا، لان عكس الهدوء يعني مزيدا من اللجوء، ومزيدا من القلق على سكان شمال الاْردن،وايضاً تعني تكاثر التنظيمات والميليشيات وكل انواع القوات فرب الحدود الاردنية.
من يدرك تفاصيل التعامل الاردني مع الازمة السورية يعلم ان الحزم الاردني يكون في اعلى مستوياته عندما يتعلق الامر بأمن الدولة واستقرارها، وعندما تصبح اي منطقه مصدر قلق للأردن فان الدولة لا تتورع عن اي عمل سياسي او أمني او عسكري يخفف او يزيل القلق، وإذا شعر الاْردن بان هناك من يتعمد صناعة القلق لأمنه فان هناك قدرة على إرسال رسالة تحمل القلق للاخر دون ضجيج او استعراض، فالمهم ان تصل الرسالة.
الاعلام في الخارج تابع باهتمام تصريحات جنرال أمريكي عن إطلاق صواريخ من راجمات صواريخ باتجاه عصابة داعش من الاراضي الاردنية، وهذا الخبر لم تؤكده او تنفه اي جهه عسكريه او سياسية اردنيه، وهذا الامر ان حدث فليس فيه طور في الموقف السياسي لانه استمرار لعمليات القصف الجوي التي تتم انطلاقا من الاْردن ضد داعش منذ اكثر من عام ونصف،لكن ربما يحب البعض قراءته سياسيا من زاويه تعامل الاْردن مع الجبهه السورية الجنوبية، وقد لا يحب البعض قراءته من هذه الزاوية.
مرة بعد اخرى تحتاج الدولة ان ترسل الرسائل داخليا وخارجيا بأنها تسير بشكل طبيعي، ولهذا فان اجراء الانتخابات النيابية رسالة من العيار الثقيل بان الدولة تسير بشكل طبيعي سياسيا مثلما عي مستقرة أمنيا وعسكريا، أما التحفظ حتى وان كان بحسن نوايا من البعض فانه لن يخدم هذه الفكرة او الهدف.