المخيمات الفلسطينية في لبنان
فايز الفايز
13-03-2016 02:13 AM
قرار الجامعة العربية الأخير باعتبار حزب الله تنظيما إرهابيا جاء بعد سنوات طويلة من اختباء قادة الحزب وراء شعار المقاومة ضد العدو الصهيوني، وهو بالمحصلة شعار طالما رفعته إيران منذ ثورة الخميني حتى اليوم، ولم تطلق رصاصة واحدة، بل اندمجت في حرب باردة مع إسرائيل والولايات المتحدة، حيث استخدمت الحزب اللبناني منصة لها لتحسين شروط تفاوضها مع الغرب، ولكن هل فكر أحد بالخطوة القادمة للحزب وزعيمه حسن نصر الله و القيادة العامة له في طهران، هل سيصمتون ويكتفون بتنديدهم، أم سيلعبون لعبة النار في الداخل اللبناني، وخصوصا في المخيمات الفلسطينية؟
عندما وقعت العملية الإرهابية التي نفذها تنظيم داعش قبل نهاية العام المنصرم في الضاحية الجنوبية، كانت الخشية أن ترتد نار الثأر على مخيمات الفلسطينيين، ولكن لأن نصر الله يلعب بذكاء سياسي، فقد حال دون وقوع انفجار أقوى من الضاحية، فالمخيمات في الجنوب اللبناني مشحونة بالديناميت، والشارع السياسي في بيروت يتعامل معها بحذر، والجميع يسمع ويرى ويصبر على ما يجري خوفا من المحذور، ولكن بعد اليوم ليس أمام حزب الله إلا الفوضى لتحقيق ثأره ضد كل من أيد قرار إرهابه.
نصر الله ليس بالغبي، وهو يدرك تماما أن القضاء على نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا، هو بداية نهاية الحزب، لهذا فهو يستميت في الدفاع عن الأسد، وكذلك فعلت إيران قبل التدخل الروسي، حيث خنقت يدا إيران و نصر الله رقبة الأسد الذي يحكم سوريا بنظام علماني لا دخل للطائفة فيه، ولكنهم جروه الى مستنقع الطائفية والمذهبية، وفي ظل الرضى الروسي عن مليشيا الحزب التي تقاتل السوريين على أرض سوريا، وتحاصر المدن والبلدات بمساعدة جيش النظام، لا يمكن توقع نهاية فورية لسلطة الحزب على الأرض اللبنانية أو السورية .
لهذا فإن من الأحوط اليوم هو عدم ترك الساحة اللبنانية لتسيطر إيران فيها على الشارع السياسي بعدما سيطرت بواسطة حزب الله على القرار السياسي، لأن ذلك يعيدنا الى المشهد العراقي عقب الغزو الأمريكي وسقوط النظام البعثي وإخلاء الساحة لإيران التي عززت وجودها اليوم هناك، بينما تخلت الدول العربية المعنية عن الشيعة العرب، حتى تسيد الساحة السياسية آنذاك عملاء إيران ، وتعاظمت النزعة الطائفية، وانفجرت الأرض عن فصائل متقاتلة انتهت اليوم الى فسطاطين أحدهما موال لطهران تماما، والآخر تنظيم داعش وما يسيطر عليه من مدن وبلدات لا حول لسكانها ولا قوة، إذ يقتل سنة العراق على يد مختلف المتقاتلين والمجانين.
إن أكثر ما يؤرقنا في القضية اللبنانية هو وضع المخيمات الفلسطينية صراحة، وهذا يستوجب إعادة تفكير لبناء جبهة عربية قوية تدعم وجود وبقاء المخيمات الفلسطينية هناك في مأمن من كل الخلافات الداخلية والخارجية داخل وخارج لبنان المنقسم على نفسه أصلا، علما أن كثيرا من الساسة والقادة اللبنانيين لا يخفون رفضهم لبقاء الفلسطينيين على الأرض اللبنانية منذ وقت بعيد، ونخشى أن نرى مشهدا لا قدر الله يشبه مشهد مخيم اليرموك في جنوب دمشق حيث تم تهجير الآلاف من الفلسطينيين المقيمين هناك الى دول الجوار.
إن الصراع في سوريا لن تنقشع غيمته عن شيء مفرح، لأن السنوات الخمس الماضية غيّرت النفوس وخلقت جيلا مقاتلا لن يرضى بأن تعود الحياة السياسية كما كانت عليه تحت أي ظرف وأي حل ، فالحروب تنتج أجيالا متمردة ومشوهة التفكير، خصوصا عندما تكون الحرب أهلية، وبين الطوائف والإثنيات، وهذا ما يجعل وضعنا في الأردن أكثر تعقيدا في ظل وجود أكثر من مليوني لاجئ سوري لن يعودوا بالكامل قبل عشر أو خمس عشرة سنة مقبلة .
ما يدفعنا الى هذا الطرح، هو تجارب الدول السابقة في التعاطي مع أزماتها، فالفلسطينيون مطاردون منذ خرجوا من أرضهم ولجأوا الى البلاد العربية، وفي ذاكرتنا الكويت واليمن ثم العراق وليبيا وسوريا أخيرا، فهل يكون الفلسطينيون هم حطب نار الأزمة اللبنانية في النهاية، هذا غير مستبعد إذا فكر حزب الله وأعوانه وقيادته في الخارج بأن يلعبوا في ملاعب الجيران، فالطرق عبر البقاع وشتورا فالمصنع الى جنوب سوريا أصبح أسهل من مشاهدة مباراة كرة قدم.. وبصراحة على الأردن أن ينتبه جيدا.
الراي