تثبيت الرئيس وشرعنة وجوده
ماهر ابو طير
12-03-2016 01:28 AM
اذا كانت الانتخابات الرئاسية في سورية ستتم حقا بعد ثمانية عشر شهرا وهذا مجرد افتراض، فمن حق المراقبين ان يوجهوا تساؤلات مهمة، قبل وصولنا الى هذه المحطة.
يأتي التساؤل المتعارف عليه حول ترشيح الرئيس بشار الاسد، واذا ما كان سيرشح نفسه، ام لا، او انه سيتنازل عن الحكم تاركا المجال لغيره، ولو ضمن صفقة دولية، لان بقاء الاسد طوال هذه الشهور، وترشيحه، يعني فعليا عودة الاسد، عبر انتخابات رئاسية، وهكذا يمنح المجتمع الدولي الاسد شرعية من نوع آخر، وهذا يشي بكون العالم باع السوريين وثورتهم.
لما لا؟.قد يسأل احدهم، ما دام الشعب السوري يريد عودته رئيسا في حال ترشحه.الاجابة هنا، تتعلق بالفنيات السياسية في الانتخابات الرئاسية، والتساؤل الاخر، يتعلق بأسماء من سوف يشاركون في هذه الانتخابات، خصوصا، ان اغلب الذين بقوا في سورية، سوف يقومون بالتصويت له، منذ الان، ربما، واغلب الكتلة المعارضة له، تشردت خارج سورية، ولا احد يعرف فعليا، اذا كان ملايين السوريين في الخارج سوف يصوتون في هذه الانتخابات ام لا؟!.
ثم ماهي الضمانات حول كون الانتخابات نزيهة حقا، اذا كانت ستجري تحت مظلة النظام الحالي، فهذا النظام هو نفسه، بالاسد او برئيس آخر، ولايمكن لكل هيئات الرقابة في العالم ان تشرف على كل صناديق الاقتراع في سورية، فنحن امام انتخابات مطعون في صحتها مسبقا، هذا فوق سؤالنا الاخر حول هوية الشخص الذي سوف ينافس الاسد حقا، في هكذا انتخابات؟!.
اغلب الظن ان وصفة الانتخابات الرئاسية تستهدف فقط تثبيت الرئيس بشار الاسد، عبر صناديق الاقتراع، فهو ان بقي رئيسا، ثم مرشحا، سوف يعود رئيسا، وهكذا تصبح الانتخابات الرئاسية مجرد شرعنة مسرحية لموقعه ووجوده، خصوصا، ان السؤال الذي لا يطرحه احد اساسا، يتعلق بشرعية وجوده منذ اليوم الاول، وقد ورث الحكم عن والده، في جمهورية، وليس نظاما ملكيا.
هذا يفسر وجود اصوات عربية تطالب برحيل الاسد، ولايعقل ان يواصل الرئيس هذا العناد فيضع الدولة السورية والشعب السوري في كفة، وهو في كفة اخرى، ولو كان هناك صوت عقل في نظام دمشق الرسمية لاعلن الرئيس عدم نيته الترشح، ولو من باب اطفاء الانفس التي رأت كيفية مقتل اربعمئة الف سوري، وتشرد الملايين، وجرح مئات الالاف، وخراب كل البنية الاقتصادية والاجتماعية في سورية.
تحولت القصة الى قضية شخصية للرئيس ومن يعانده، فالمهم بقاء ذات الرئيس، وليس الدولة السورية، ولا الشعب السوري، نكاية بالاطراف التي تريد تغييره.
كل ماسبق يقول منذ اليوم، ان كل العملية السياسية مهددة، لان الاطراف الاخرى، لن تسمح بتحول العملية السياسية الى قارب نجاة لذات الرئيس وعودته مرة اخرى رئيسا، وهذا يعني ان عدم التجاوب مع هذا الاتجاه، سيزيد من كل محاولات نسف العملية السياسية ميدانيا بوسائل مختلفة، حتى لو سعت اطراف دولية بالضغط على اطراف عربية داعمة وممولة للثورة السورية، من اجل وقف دعمها العسكري، صيانة للعملية السلمية.
ثم يبقى السؤال الاخطر المعلق: كيف يمكن ان يأمن السوريون على انفسهم حتى لو توقفت هذه الفوضى، تحت مظلة ذات النظام، ولو برأس آخر، والكل يعرف ان هناك مئات الاف الحسابات يراد تصفيتها مع كل سوري، نطق بكلمة، خلال السنين الخمس الفائتة.
هذا هو السؤال الواجب البحث عن اجابة له.
الدستور