وصية الشهيد .. دين في عنق كل من قرأها
ابراهيم الزعبي
11-03-2016 11:51 PM
يا أحمد.. يا ابن الستة عشر بيعا .... يا ابن سلفيت ... تصغر كل القامات امام شهادتك.. وتتوقف لغة الكلام أمام وصيتك.. التي يجب ان تدرس لابناء جيلك... فعن ماذا تطلب العفو والسماح؟... نحن أولى ان نطلبه منك ... وعن ماذا تطلب السداد؟ عن دين لم يتجاوز الستة عشر دولارا... فما قيمة ذلك امام ما قدمته من دم.. لقد حركت لبنة من جدار الخوف فينا.. فأنت لم تقصد الذهاب للموت بل لخير وطن مغتصب.... وخير شعب تحمل فوق طاقة كل البشر.. ويعاني على مدار الساعة.. ولا يشعر به أحد.
يا احمد ... كلماتك ليست حبرا على ورق .. ووصيتك ليست حبرا على ورق ... لقد عرتنا امام ضمائرنا واسقطت ورقة التوت عن عورات امتك التي تعاني ويلات التشرذم والانهزام.
يا أحمد ... عطر احلامك النقية سيبقى في الأرض ولن ينتهي بموتك ... سيبقى في كل ركن في بيت ذويك وفي المدرسة وفي الطريق، وعلى الرصيف وفي حواكير سلفيت يفوح بالطهر والنقاء .
لقد قتلتنا يا أحمد... وأنت تعبر عن بساطة عيشك وبراءة التفكير الذي اختلج في نفسك وانت تتوجه نحو مصيرك المحتوم. حين ترى المشهد أمام عينيك ... وتعلم كم هو شوقك لوالديك لكن شوقك للقدس أعظم.
وصيتك أوجعت كل القلوب ، ودخلت إلى فيافي الروح... حين نتخيل طهر احلامك وزملائك في المدرسة ... في وطن لا تسكنه الغربان ... في علم يرفع بالطابور الصباحي ..... ونشيد موطني لا يشوبه حزن ولا تحاصره حراب عدو غاصب .. ولهوكك ورفاقك في الساحات... ومحافظكم المدرسية ... وكتبكم وأقلامكم ورسوماتكم ، والعصافير التي كنتم تطيرونها على دفاتر الرسم بكل الألوان.. وكلمات الرثاء التي تسطرونها لكل طفل شهيد ... سوف تبقى خير شاهد على جرائم الاحتلال البغيض .... شاهد على تلك الزنابق الصغيرة ... الزنابق التي غادرت الحياة لكنها لم تغادر قلوبنا ... وطهرها سيحرر الأرض من رجس أقدامهم القذرة .
يا احمد دموع المزن من مقلتي امك .. تحجرت امامها كل كلمات الرثاء .. فهي ارتعاش النور في الزيت الذي اضحى بمشكاة جيل الانتفاضة موحدا ... وابتهاج الياسمين بلون دموعها كنقاء افكارك ارتدى.. واني لاسمع أنينها تناجيك ... سلمت أمري بعد أمرٍ قد غدا.
يا احمد ... شلت تلك اليد الغادرة التي قطفت زهرة عمرك باكراً وحرمتك من الحياة ... لكنه فرح اليوم بعد أن أضحيت شهيداً يمخر عباب السماء ويدخل في جنان
الخلد مغرداً ومشيت نحو الخلود واثقا... واحلام قلب ابيك وان انتهت على الارض لكنها بالشهادة لن تذهب سدى.
Ibrahim.z1965@gmail.com