عندما تأسست أولى الجامعات الأردنية في أوائل الستينيات؛ كانت تتعهد اكثر شبابنا وشابات بلدنا نبوغا فتوفر لهم فرص التنمية العلمية دون أن يكون في حساباتها العوائد المالية او الربح والخسارة فلم يكن البُعد الاستثماري قد دخل الى معادلة اداراتها ولم تكن الخصخصة والجامعات الخاصة التي أسسها المستثمرون واصدقاؤهم الذين عادوا من الخليج بعد دخول صدام حسين الى الكويت قد ظهرت الى حيز الوجود بعد.
اليوم هناك اكثر من ثلاثين جامعة يرأسها ويديرها اناس كانوا قد عملوا في المقاولات والتجارة باشكالها المختلفة والمباني والطرق والانشاءات فاعتقدوا أن الجامعات مشاريع تجارية وسهل لهم القيام بذلك حتى اصبحت الجامعات تربض على جوانب الطرق الرئيسة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا يتبارى ملّاكها بقدرتهم على مزج تجارة الاراضي والاستثمار والتعليم وتجارة التعليم تحت اسم التعليم الجامعي...
عشرات الجامعات وضعت يدها على آلاف الدونمات قبل تأسيس الجامعات مستغلين ارتفاع اسعار الارض بعد الاعلان عن افتتاح جامعاتهم ليجنوا ملايين الدنانير من تجارة الارض التي ازدهرت باسم المؤسسات التعليمية وبعد ذلك ابتلعت جامعاتهم المعاهد والكليات المتوسطة لتوفر طلبة لكلياتهم التي اصبحت تقبل كل من لديه الرغبة... فحرمتنا من المهن الوسيطة التي يحتاج لها سوق العمل الاردني وحدث التشوه الذي ما زلنا نعاني من آثاره.
طبقة جديدة من الاكاديميين اصبحوا يتنقلون بين الجامعات الخاصة بعد ان اكتسبوا خبرة في تأسيس الجامعات وبيع الحصص والتشبيك بين بيع الاراضي والمسامير ومال الفاتورة والقبان والسوبرماركت بالتعليم العالي واصبحوا هم واولادهم وزوجاتهم وانسباؤهم يحملون القابا علمية لا تعكس اطلاقا حقيقة جهدهم العلمي او اهتمامهم.
التعليم الموازي بدعة اختلقها البعض تحت مبررات لا علاقة لها بالتعليم فالطلبة يتعرضون لنفس المنهاج وفي نفس الاوقات لكنهم يدفعون مبالغ اعلى...
التعليم اما ان يكون ربحيا او غير ربحي لكن المزج بين النموذجين وفي المؤسسة الواحدة يربك الطلبة والمؤسسة ويبدد معنى كل المبررات التي تسوقها المؤسسة التعليمية والروايات التي تقدمها عن فلسفتها وهويتها ورسالتها واهدافها وتصبح بلا لون او شخصية.
الرسوم التي تتقاضاها الجامعات الاردنية من طلبة برنامج التعليم الموازي يصعب ربطها بالمبررات التي تقدم لذلك والمبالغة في ذلك مؤشر على شهوة الجامعات الحكومية للانتقال الى الخصخصة والغايات الاستثمارية بالمعنى المالي وليس العلمي.