المناهج الجديدة والفلسفة والتاريخ الضائع
د.مهند مبيضين
10-03-2016 02:34 AM
ابتداءً لا اظن أن إعادة بناء المنهج في العلوم الاجتماعية والتربية الوطنية والتاريخ سينتج حالة جديدة مستنيرة، لا بل سيلجأ للتعميم في بعض القضايا ومن ذلك مسألة التسامح، التي لا تنتمي للثقافة العالمية المعاصرة بشيء بقدر ما تكرس ثقافة المنة والتعالي. انا أقبلك لأني متسامح معك. هذا عيب!!.
وبعد هذا، هناك حديث عن الجدل العلمي والفلسفة، وأن الفلسفة غابت وهذا صحيح، وأظن أن جهود وزارة التربية الإصلاحية التي نجحت في أشياء للآن وفشلت في غيرها تحتاج للفحص، ومرة اخرى نعود للفلسفة وخطاب العقل، ونسأل لماذا كانت مناهج التربية الإسلامية يستشار بها احد فقهاء سوريا؟
أما الفلسفة فلا احد ينكر دورها واهميتها في اشاعة ثقافة العقل والعقلانية، وكذلك الحال للفنون والموسيقى التي رأى رجال الإصلاح قبل قرن ونصف أنها أحد سبل التمدن، ولكن للأسف يبدو أن مؤسساتنا التعليمية لم تنجح بالحفاظ على حضور الفلسفة في المناهج بل أقصتها واضاعت فرصة حضور العقل مقابل ثقافة دينية تقليدية لا تتجاوز الفلسفة الغربية فقط، بل تتجاهل أهل العقل في الإسلام وتنبذهم، فهل في نصوص المناهج شيئا عن ابن رشد؟ او المعتزلة كنصوص ولا اقول معلومات، ثم إن وجد النص هل يتم التعاطي معه وشرحه من قبل معلمين ينظرون بحياد وعقل ولا أقول ذوي قدرة كافية على شرح النص الفلسفي فكلهم مقدرون.
نقول بذلك؛ لأن المؤسسة الأكاديمية جامعة أومدرسة هي الموكول لها حمل همّ الفلسفة واشاعة الثقافة العلمية والخيار العقلاني كسبيل للنهوض، أما أن نعيد كرة التـأليف بوجوه من نفس الجرار العتيقة تستقي مخزونها، فهذا أمر غير مقبول، ومن المهم إن كانت مطلوبة فواجب ضمان التمثيل المعرفي بأن يوجد في التأليف في منهاج العلوم الاجتماعية كل أطياف الفكر والعلم.
اليوم نقول إن التأليف شأن عظيم، والمنهج المقدم لن يكون جديداً؛ لأن العقليات التي تؤلف تدور في فلك واحد، مثلا هل تقول مناهج التاريخ شيئا عن مساهمة الأردنيين في الحرب العالمية الأولى قبيل انطلاق الثورة العربية؟ أو التحول الديمقراطي عام 1989 وهبة نيسان، او ربيع عمان 1956 ؟ لا أبالغ إن قلت أن هناك سنوات ضائعة في مناهجنا هي جزء من تاريخنا الذي يجب استعادته.
الدستور