قاتل الله الفقر وأسبابه , فليس بأيدينا نحن المواطنين الصابرين الغلابى قتله , ولا حول ولا قوة إلا بالله , فلقد قادتني الصدفة ظهر اليوم الاربعاء إلى وسط مدينة " السلط " , وأقسم بأنني قد حزنت , فالمنطقة الممتدة من مكان مبنى المحافظة القديمة وحتى وسط البلد ومقر البلدية وهي سوق المدينه ما غيره , تبدو كما لو كانت في حالة حظر للتجول , عشرات فقط من المواطنين الكرام يمرون متثاقلين وأياديهم خالية تماما , أصحاب المحال التجارية جالسون شاردة أذهانهم فلا بيعة ولا شروه ,سائقو سيارات التاكسي متوقفون في حالة إسترخاء , فلا نشاط تجاريا يذكر أبدا , ومن ينظر في وجوه المارة على قلتهم , يقرأالفقر إن لم يكن القهر في عيونهم , وياللعجب هذا هو وسط المدينة والسوق , والسلط معروفة بأن أسواقها في وسطها وقليل جدا منها ما هو في الاطراف .
حال السلط شاهدته تماما في الكرك وعجلون ومادبا عندما كنا نزورها لأداء واجب عزاء , وإذا ما كان هذا هو حال السلط والكرك أهم مدينتين أردنيتين بعد العاصمة تاريخيا , فما هو حال المفرق ومعان والطفيلة وباقي مدن وقرى المحافظات ومخيماتها , وكيف يتدبر الناس فيها لقمة عيشهم ؟ , وإلى متى يستمر هذا الحال المر وما هي نهاياته وإلى أين سيفضي ؟ .
نعرف ونسمع الكثير الكثير من قصص المعاناة والفقر لا بل ونعيشها , ونقف حيارى أمام هذا " الغول " الذي هد حيل كرام الناس الذين يتحرجون من الشكوى ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ولكن , إلى متى يا ترى , وما الحل ؟ . ومن ينقذ محافظاتنا من هذا الحال المزري يا ترى ؟ .
نسمع كثيرا عما يسمى " تنمية المحافظات " منذ سنوات , ولا نرى أو نلمس أثرا فاعلا يذكر سوى خلطات ساخنة تضاف لشوارع مدننا وقرانا ينفذها مقاولون يوظفون عمالة وافده , فقد غدا حديث تنمية المحافظات أشبه ما يكون بنشيد إنشائي لا أكثر . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
هذا حال مزر ومرير لا يجب أن يستمر أبدا ولا بد من حل !. نقسم صادقين على حب بلدنا بكل ما فيه , ويشهد الله في علاه , أننا لسنا من هواة التشكيك ونقد المسؤولين وجلد الذات , وعلى العكس من ذلك تماما ,نحن نداري عورات بلدنا إن وجدت , ونصبر ولا نسمح لا لأنفسنا ولا لأحد غيرنا بأن يتعرض لبلدنا وهو حبنا كله ,بأي نقد أو تشهير أو إدانه , ونوظف كل طاقاتنا وأقلامنا للدفاع عن بلدنا ضد كل مارق شرير أو حاقد وحاسد , ونذهب بعيدا في تمجيد بلدنا ومسؤوليه كافة وندافع عنهم في كل محفل , ونكتب كل ما هو إيجابي عن بلدنا ونهجه وسياساته في صحافة وإعلام الداخل والخارج , ونثور في وجه كل من يتعرض لبلدنا ولو بكلمة واقفة لا نستحسنها , لكننا نواجه بقرون من طين عندما نعيش ونعايش ذل الفقر والفاقة باديا بوضوح في وجوه الناس في بلدنا العزيز , والذي ما ذل ولا هان أبدا أبدا عبر التاريخ كله , وفي أصعب الظروف وأقساها , ومتى أصلا كانت ظروف الاردن سهلة ومريحه , وهو الذي دفع وما زال يدفع كل يوم " فواتير " هفوات وأخطا وعنتريات وظلم آخرين خلف حدوده !!.
نتوجه إلى مقام حضرة صاحب الجلاله , الملك الشجاع النشمي الذي نقدر ونحب ونحترم , ليس نفاقا كما قد يفعل غيرنا من طلاب المناصب على حساب شقاء وعذابات أهلهم , وإنما بصدق ورجولة لا مراء فيها ونقول , صاحب الجلاله , أهلك وربعك وعزوتك الذين ما غدروا ولا خانوا ولا أمام الشدائد هانوا , هم اليوم بأمس حاجة لتدارك ظروفهم , فلقد أوصلهم الفقر إلى حافة اليأس فعلا وأتى على قدراتهم تماما , وليس لهم من أمل بعد الله سواك , فأنت صاحب الجلالة ولي الأمر الذي نكن له كل حب وإحترام وإعجاب مهما كانت الظروف , ولو زرت جلالتك مدننا وقرانا ومخيماتنا سرا , لرأيت رأي العين ما لا يمكن أن به ترضى . نسأل الله جلت قدرته أن يحفظ الوطن ومليكه وشعبه من كل شر وشرير , وهو سبحانه من وراء القصد .