إعادة زيارة لهيكل (توضيح موقفه من الاردن)
أ.د. سعد ابو دية
09-03-2016 11:45 AM
ساغلق ملف الصحفي محمد حسنين هيكل وسوف اتحدث عن موقف هيكل من الاردن التي زارها اثناء حرب 1948 وكتب عن ذلك وكتب ايضا عن فترة 1967..
استوعب الملك الراحل حسين رحمه الله هيكل واستوعب عبد الناصر واعلامه. كان هيكل عملاقا كبيرا ويتصرف بحرية بالغة في مصر, وحول مبنى صحيفة الاهرام الى شبه معبد فرعوني مارس فيه طقوسه، هناك حسنات له اذ استوعب الكتاب الكبار في الاهرام وارسل باحثين للخارج وهو الذي ارسل عبد الوهاب المسيري للولايات المتحدة وانتج الموسوعة الكبيرة عن اليهود.
وفي النفوذ كان يتصرف بحرية وبذخ قوه ونفوذ ولا يخشى النقد. مثلا ذات يوم اصطحب وزير خارجية الولايات المتحدة روجرز الى دار السينما ينتظران خروج زوجة هيكل التي كانت تشاهد فيلما. كانت سكرتيرته نوال المحلاوي تحل وتربط ومن مظاهر بذخ القوة عند هيكل ان مسوؤلا انجليزيا توسط عند هيكل للافراج عن انجليزي معتقل في مصر وهذا مثل ساطع على البذخ في القوة . يومها مسك هيكل دفتر الشيكات وكتب عليه ما معناه يصرف لحامله و بدلا من كتابة المبلغ كتب اسم المعتقل الانجليزي.
ارسل الشيك مع المسوؤل البريطاني للشخص المعني في مصر .تم الافراج عن المعتقل الانجليزي وهذه القصة رواها هيكل . على العموم تقلص نفوذ هيكل بعد عبد التاصر واعتمد السادات على مثل غيره موسى صبري وانيس منصور وكان يلتقي او يتناول معهما طعام الغداء كل ثلاثاء. لقد كتب موسى صبري (شنودة) خطاب السادات القوي جدا الذي القاه في الكنيست 1977. والغى مبارك وجود اي كاهن.
وعودة للموضوع لقد كتب هيكل الكثير عن الاردن وفي كتابه الانفجار وكما يقول هو نفسه فقد قال انه اتهم الاردن الى حد توقع ان الملك سوف يقاطعه ولذلك تردد كثيرا قبل ان يطلب مقابلة الملك الراحل خوفا من ما وصفه هيكل بالتطاول الذي قام به على الحسين في حرب 1967م. وقد قابل الحسين بعدها عدة مرات وتعامل الحسين على ما يبدو مع الحدث بسمو مبالغ ولم يتطرق اليه وكأنه لم يحدث و لقد اغلق جلالة الملك الحسين رحمه الله ملفها فورا .
قابل هيكل الحسين بعد نشر بعض تلك الكتب، هناك حديث عن حوار جرى مرة بين هيكل والملك.. وفي مرة قال الملك لهيكل ردا على سؤال لهيكل من الاسئلة التي تتردد عن الاردن والاتهامات التي توجه قال الملك يومها: «ان هؤلاء الذين يعادون الاخرين ويعاديهم الاخرون اكثرهم منافقون فهم يقولون في العلن عكس ما يفعلونه في السر وهو على علم واذا قرر ان يتكلم فان بعضهم سوف يلزم الصمت ربما للأبد».«ماذا يريد مني هؤلاء؟ بلدي في حاجة وهم لا يعطون شيئا واذا اعطوا فقطرة قطرة وبلدي معرض للخطر وليس فيهم من يستطيع ان يبعث جنديا الى خندق او يطلق رصاصة في اشتباك».
وقد ارسل سمو الامير الحسن شفوياً لهيكل ما نشره هيكل في احد كتبه وهذا مضمونه: يقول الامير مخاطبا هيكل ويعيد هيكل النص:«انني تجنيت على الهاشميين بما ذكرت عن نواياهم في مستقبل العراق وذلك قدر الهاشميين ان يظلمهم الناس عبر عصور التاريخ وان يشككوا في مقاصدهم ويروا في تصرفاتهم ما ليس من طبائعهم ويظنوهم اطرافا في خطط خفية وتحركات سرية ومغانم يريدونها لانفسهم غيلة من حق غيرهم وليس ذلك انصافا».
الشك وليس الوثائق:
في كتاب الانفجار كتب هيكل ان علاقته مع الحسين رحمه مركبة معقدة ولكنها صلات بين رجلين غارقين في الشأن العربي مع اختلاف التقديرات والضرورات. توقع هيكل ان علاقته مع الملك وصلت لحد القطيعة بعد نشر كتاب الانفجار (1990) ولكن الملك لم يعر الموضوع اهتماما ذلك ان هيكل نفسه اعترف ان ما ذكره هو يعتمد على الشك يقول: .«وقد ترددت يومها في نشر ما ظهر لي وان الاعتماد فيه على الشك قد لا يكون سليما. لكنني انتهيت الى انه في مثل هذه الظروف فان التلميحات والاشارات اذا كانت متصلة متكاملة تكفي»!!.
تفاجأ هيكل عندما ارسل رسالة للملك عن طريق سفيرنا بمصر (نبيه النمر) فان الملك استجاب فورا . لم يكن هناك تمهيد ولا اعتذار وجلسا من الساعة (11) صباحا وحتى الساعة الثامنة مساء في عمان ومنذ ذلك الوقت ظل هيكل يلتقي الحسين في لندن عدة مرات في السنة. وفي لقاء مايو ايار 1992 اعترف الحسين لهيكل انه مريض. وهناك لقاء في ايلول 1993 وفيه شكوى الملك من توقيع اتفاقية اوسلو بتلك الطريقة. وظل هيكل يتابع وينشر وثائق وظل الملك يقابل هيكل حتى اخر اللحظات وهكذا فان ما استخدمه هيكل في كتاب الانفجار 1967 لم يكن وثائق بل شك وتلميحات. نعم اعتمد على الشك وهيكل كتب ذلك ولكن الناس لا تدقق.