تخصص الموازنة العامة حوالي مليارين من الدنانير سنوياً للدعم الاستهلاكي: خبز ، ماء كهرباء ، أعلاف إلى آخره، والنتيجة عجز الموازنة ، وارتفاع المديونية، واعتماد زائد على المنح الخارجية.
سياسة الدعـم هي أم التحديات التي تواجه الاقتصادي الأردني ، ومن شأنها أن تجعل الأردن دولة رفاهية ممولة بالقروض من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والكفالة الأميركية.
الحكومة لا تسـتطيع أن تتخلص من لعنة الدعم بضربة واحدة بل بالتدريج ، أو بشكل انتقائي. وإذا كان الأمر كذلك فهل هناك خطة مقررة لتحقيق هذا الهدف؟.
برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي ، يخلو من مطالبة صريحة بإلغاء الدعم ، ولكنه يطرح أهدافاً مالية لا يمكن تحقيقها في ظل استمرار الدعم مثل تخفيض عجز الموازنة وتقليل الحاجة للاقتراض.
المشكلة أن الصندوق يظهر قدراً من المرونة ، فلا يصر على خفض النفقات (مثل الدعم) بل يقبل زيادة الإيرادات كبديل ، فما يهمه هو السطر الأخير في الموازنة العامة أي العجز. وتجد الحكومة أن زيادة الرسوم والضرائب أقل صعوبة من تخفيض النفقات الجارية.
الاتجاه للتخلص من الدعم الاستهلاكي أصبح الاتجاه المطبق عالمياً حتى في البلدان الغنية المصـدرة للبترول. وقد بدأت العملية بوضوح في دول الخليج العربي ، وخاصة السعودية والكويت ، بل إن فنزويلا ، الغنية بالبترول ، رفعت أسعار المحروقات بمقدار 60 ضعفاً بضربة واحدة ، حيث كانت المحروقات تباع بسعر رمزي كأسلوب لتوزيع الثروة البترولية على أبناء الشعب ، وأصبحت تباع بالأسعار العالمية.
الرؤية العشرية لم تجرؤ على التوصية باتخاذ القرار الصعب ، ولكنها ، مثل الصندوق ، طالبت بأهداف مالية لا يمكن تحقيقها في ظل استمرار الدعم عند مستوياته الراهنة.
لماذا تكتسب الحكومة سمعة القدرة على اتخاذ القرارات الصعبة ، فما هي القرارات الصعبة التي اتخذتها غير محاولة استرضاء الجهات القوية بالمزيد من الإعفاءات ، وهي شكل آخر من أشكال الدعم ، يمر تحت اسم حوافز.
عبثاً نتكلم عن الاكتفاء الذاتي أو ضبط المديونية إذا لم يتم إصلاح نظام الدعم الشامل كواحد من أهم مصادر الاختلالات في الاقتصاد الأردني.
قلنا سابقاً ونكرر اليوم أن نصف الدعم يذهب لثلاثة ملايين غير أردني ، وأن ربعه يذهب لغير المستحقين من الأردنيين الذين لا يحتاجون الدعم ، فلا أقل من تنظيم وصول الربع الباقي إلى المستحقين نقداً بحيث لا يضار محدودو الدخل من المواطنين.
الرأي