رغم كل ما نقرأه عن صراع صامت بين إيران وتركيا، حول سوريا والعراق، أو حول السُنّة والشيعة، أو حول جدية الاصطفاف بين أميركا وروسيا، فإن شيئاً لم يمنع قفز رئيس الوزراء التركي داود أوغلو إلى طهران، ليناقش تطوير التعامل الثنائي الاقتصادي، ورفع حجمه الى (ثلاثين مليار) دولار من 22 مليار دولار كانت عام 2013، ثم تردت نتيجة فرض عقوبات دولية اضافية على إيران.
لا سوريا ولا العراق، ولا المذاهب الدينية المتصارعة حولت أنظار المسؤول الإيراني أو التركي عن المصالح الوطنية التجارية لأكبر بلدين في الشرق الأوسط الآسيوي. وهذا له معنى آخر يجب ان نفهمه قبل أن نفهم الاستراتيجيات:
- فاذا كانت ايران تتجاوز حسابات التحالف مع التشيع العراقي، والنظام السوري «لتحسن» تجارتها البينية مع تركيا، فذلك يعني انها تستخدم التشيع وتستخدم النظام السوري كجزء من مصالحها وليس من عقيدتها.
- واذا كانت تركيا تتجاوز موقفها من النظام السوري، وتتجاوز اعلانها الاستراتيجي بالتحالف مع السعودية، وتفتح أبوابها الاقتصادية لإيران فمعنى ذلك ان «كل شيء بحسابه» كما يقول الشامي. وهي تستخدم عداءها للنظام السوري او تحالفها مع التعاون الخليجي والسعودية لمصالحها الخاصة. وقد حاولت ان تبتز حلف الاطلسي، وتحالفها مع الولايات المتحدة فادار كل منهما ظهره لانهما يعرفان ان التاجر التركي يبيع ويشتري دون اي التزام اخلاقي، أو سياسي. وكان طلب اردوغان ثلاثة مليارات دولار ثمناً لمنع تدفق اللاجئين السوريين على اوروبا، طلبا مضحكا دفع مجلس الوحدة الأوروبية الى بيعه وعودا لم تثمر قرشا واحدا.
لقد جرّبت ايران تصديرها للثورة الخمينية بقوتها الذاتية. فاكتشفت بان حربها مع العراق كلفتها مليون قتيل.. ودمارا هائلا لم تستطع حتى الآن اعادة بنائه في عَبَدان، وشط العرب الذي ما تزال مئات السفن الغارقة تسده في وجه اكبر ميناءين واكبر مصفاة نفط في البصرة وعبدان. ولذلك فان «الثورة الايرانية» يتم تنفيذها الآن بمحاربين عراقيين ضد العراقيين، ولبنانيين ضد اللبنانيين وسوريين وحوثيين ضد اليمنيين، ولا تجد ايران وحلفاؤها بأساً من تحالفهم مع ديكتاتور طرده شعبه بفساده وطغيانه، وتحويل جيش اليمن الى ميليشيا خاص به.
وقد سمعنا من الشيخ حسن نصر الله ان اعظم ما قام به في حياته هو اعلان تأييده للحوثيين – انصار الله – لا مقاتلة اسرائيل، ولا المقاومة والممانعة، ولا مساندته لنظام الاسد.
لا عقائدية في مشاريع تركيا وايران، ولا تحالفات حقيقية مع الجيران والجماعات المحلية المتصارعة. فنحن لسنا امام وراثة امبراطورية فارس، ولا سلطنة آل عثمان، وانما امام تجار سجّاد.. وكوسا وبندورة.
الرأي