لولا مليارين من الدنانير هي كلفة الدعم الاستهلاكي لكانت الموازنة العامة قد حققت فائضاً كبيراً يمكن توجيهه للإنفاق الرأسمالي المنتج والاستغناء عن الاقتراض.
لولا مليار دينار كلفة خدمة الدين العام –أقساط وفوائد- لكانت الموازنة العامة قد حققت فائضاً يزيد عن ربع مليار دينار أي أن الخزينة تدفع اليوم ثمن ديون عقدتها حكومات سابقة ، وتعقد قروضاً جديدة أكبر يتم ترحيل كلفتها إلى الحكومات القادمة.
لو أمكن تخفيض بند الرواتب والأجور والتقاعد بنسبة 15% عن طريق حكومة رشيقة وجهاز غير مترهل لكان بالإمكان سد العجز في الموازنة.
كل واحد من هذه العوامل الثلاثة يستطيع وحده أن يحل المشكلة وينقلنا إلى مرحلة من الاكتفاء الذاتي وموازنة بدون عجز.
الموازنة العامة بصيغتها الراهنة ليست منزلة. وهناك أبواب كثيرة يمكن الدخـول منها إلى الموازنة ، ولكنها جميعاً تكاد تكون موصدة ، فالدعم خط أحمر ، وخدمة الدين العام واجب لا يقبل المماطلة كما أن الدين العام في حالة ارتفاع بنسبة تفوق نسبة ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي. والأجور والرواتب والتقاعد في حالة ارتفاع وليس انخفاض وما زالت الحكومة تعتبر نفسها مصدراً لتفريخ وظائف لغاية 40% من فرص العمل الكلية وهي نسبة
عالية لم تصل إليها سوى الدول الاشتراكية (سابقاً).
لا بد من الاعتراف بأن هذه الحالات التي تبدأ بكلمة لولا قد لا تكون جاهزة للقرار الصعب:
كلفة خدمة الدين العام مثلاً أصبحت حقيقة غير قابلة للتغيير ، فلا أقل من إيقافها عند المستوى الذي وصلت إليه بدلاً من الاستمرار في زيادتها. الحكمة تقول: إذا وجدت نفسك في حفرة فتوقف عن الحفر.
والوصول إلى حالة حكومة رشيقة ، بأعداد أقل وإنتاجية أعلى ، يحتاج إلى وقت قد يطول ، ولكن يكفي في هذا المجال أن يبدأ الاتجاه ولو ببطء السلحفاة.
وإذا كان المساس بالدعم يعطي فرصة ثمينة للمتربصين للحكومة والبلد والاستقرار ، ويعطيهم الفرصة للصراخ ، فإن تخفيف الدعم ممكن ، وقد اقترحنا في وقت سابق أن يرفع سعر الخبز قرشاً واحداً في الشهر لمدة سنة واحدة بحيث ينخفض الدعم إلى نصف الكلفة الفعلية.
سنرى قريباً ماذا سيقول برنامج الإصلاح الاقتصادي القادم ، وما إذا كانت الرؤية العشرية للتنفيذ أم للنافذة.
الرأي