عملية إربد .. استئصال لا استرجال
فايز الفايز
06-03-2016 02:27 AM
لو فكر أي إنسان قليلاً مهما تدجج بالسلاح لفهم أنه لا يستطيع أبدا تغيير الواقع لملايين الناس بمجرد أنه نصب نفسه وكيلا لله تعالى على الأرض،وأي وكيل؟ إنه فاشل أصلا بالتفكير فكيف يعاند إرادة الله ويخالف تعاليمه التي حرمت قتل الحيوان بلا سبب أو الإنسان بلا ذنب مهما كان معتقده ، إلا في الحدود الضيقة وفي ساحات المعارك الحربية وجها لوجه، لا أن يتنطع البعض ليمجّد أولئك المردّة المضطربين فكريا حين يخططون وينفذون عمليات تفجير عشوائي يقتل الأبرياء، ثم يعود الناس في اليوم التالي الى الإستمرار في حياتهم ،أولئك هم المجرمون الذين يصيبون الأغرار من الشباب باضطراب الفكر دون قياس ولا مقاربة لنهج العقيدة الإسلامية السمحة.
لم تكن عملية إربد هي الأولى التي يحقق من خلالها أبطال القوات المسلحة والأجهزة الأمنية إنجازاتهم الصامتة، بل لم يكد يمضي عام على عملية نوعية للاستخبارات العسكرية ألقت فيها القبض على مجموعة كبيرة من أولئك الشذاذ المتسللين، ولم يقتلهم أحد ولم يرقص على جثثهم أحد، ولم يصورهم عملية نحرهم وحرقهم أحد، ولم يبث أحد منهم «فيديو» لبطولاتهم ، بل إن العمليات الاستخبارية التي تقوم بها المخابرات ومخابرات الجيش هي التي أبقت الوضع آمنا وهادئا في وطننا طيلة السنوات الماضية، وهي التي أفضت لعملية إربد الإستصالية
الدرس الذي يجب أن يستخلص مما جرى في إربد بعد أيام من العملية، هو أن المناطق الحدودية والمدن المحاذية لجبهة القتال في سوريا يجب أن تخضع للرقابة والتواجد الأمني والمظاهر العسكرية، لأن المجتمع أصبح خليطاغير متجانس هناك ، وتجاوز القانون أصبح مقلقا من الناحية الأهلية، فلا أحد يعرف جاره، ولا أحد يريد أن يتدخل بسلوك غيره، وهذه البيئة هي التي تشجع الإرهابيين للإنسلال بين المساكن والسكان هناك، ولذلك يجب أن يكون كل المواطنين الصادقين هناك وفي جميع أنحاء المملكة،عيوناً ساهرة على الأمن الوطني، ليبلغوا عن أي اشتباه بأشخاص أو تحركات مريبة، فرب صدفة تنقذنا من كارثة.
عملية اربد ليست عملية تجميل أو استعراض واسترجال على مواطنين عزل كما يشيع البعض، أو يحاول الطعن في الخاصرة، بل هي عملية استئصال لخلية سرطانية كادت أن تنفجر في أي مكان من هذا الوطن، وكان أي من الملايين التسع الذين يدبّون على هذه الأرض الأردنية أن يكون ضحية لها، ولله الحمد وبفضل الأبطال الذين أعادوا لنا الشعور ببطولات قواتنا المسلحة التاريخية، فقد أركسوهم بالقدر الممكن والمطلوب من القوة النارية نظرا لشدة المقاومة، والمقبوض عليهم سيكونون صيدا معلوماتيا ثمينا.
إن الخطأ الذي وقع فيه الكثير من المواطنين من خلال التشويش على سير العملية إعلاميا ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي لم يكن عبثيا فحسب ، بل كان اصطفافا مع الجانب الخطأ، حيث وصل الحد في التعبير عن رفض التواجد الأمني في الشوارع ، وتصوير تحركات الآليات العسكرية وبثها فورا عبر الهواتف، ونزول بعض الشباب الفضوليين الى الشارع لمشاهدة ما يجري، أي عقلاء يفعلون ذلك، ويعرّضون من يدافعون عن أمنكم وأعراضكم وأموالكم للخطر،، لن نقول انها ترقى الى الخيانة ، ولكنه غباء يختلط بحقد لا يفهم معناه.
الواقع لا يحتاج الى كثير من الشطارة لكي نفسر التفكير السلبي عند كثير من المناقشين: فالفقر والبطالة وتزاحم العيش وغياب العدالة،وعدم التواصل الرسمي مع المواطنين وزيادة الأعباء المالية لحساب الضرائب، وترك الباب مفتوحا لكل من هبّ ودبّ ليدخل الى بلدنا بلا قيد أو شرط، أدى الى تغيّر مخيف في البناء الإجتماعي وأخلاقياته،وجعل الشباب عرضة للإغواء والإنضمام الى ركب الإجرام، أو النزوع الى العنف، أو حتى وهو الأخطر، التعاطف مع تلك الفئات المجرمة، وهذا ما يجب على المسئولين فهمه والعمل عليه،لا دفن رؤوسهم في الرمال.
إن ما قدمه الشهيد البطل راشد الزيود وزملاؤه من تضحيات ثمنها الروح والدم بتطبيقها الحقيقي، يجب أن يكون درسا لنا جميعا، ولأولئك الذين لا يخرجون من مكاتبهم كبرياء، فراشد وصحبه عندما كانوا يخوضون معركة بالنيابة عنا، كانت عمان تعج بالحياة، والمقاهي واماكن الترفية تحتفي بروادها ممن لم يهتموا أصلا بما حدث، ولولا أولئك النشامى، لما سهر رواد تلك الاماكن ليلهم في أحضان العسل آمنين مطمئنين
Royal430@hotmail.com
الرأي