حماس والمعتدلون .. اعادة توجيه السياسة
فهد الخيطان
27-03-2007 02:00 AM
ما هي التنازلات المطلوبة من الطرفين لمواجهة استحقاقات المرحلة؟تفرض التطورات الجارية في المنطقة على "دول الاعتدال" تعديل موقفها من حركة حماس, بعد ان اقتربت قيادة الحركة اكثر من الواقع وبدأت بالنزول تدريجيا عن الشجرة كما كان يصف الرسميون العرب حال حماس ومواقفها المتشددة. حكومة الوحدة الوطنية ليست هي الدليل على التغيير في الحركة وانما مواقفها من مبادرة السلام العربية والتفاهم الذي بدأ ينشأ بين قيادة الحركة في الخارج والقيادة السعودية.
هناك تصوران مختلفان بعض الشيء في الاوساط الرسمية الاردنية تجاه مواقف حماس. اتجاه لا يزال يرى في الحركة تهديداً جدياً للأمن الداخلي وعملية السلام, ويعتبر موافقة الحركة على برنامج حكومة وحدة وطنية مسألة تكتيكية ليس إلا. ولذلك يعتقد اصحاب هذا الرأي ومعهم اطراف عربية اخرى ان استراتيجية احتواء حماس واخراجها من اللعبة لم تفقد اهميتها ولا بد من اللجوء اليها عاجلا أم آجلا.
الاتجاه الثاني يرى في مواقف حماس تبدلا سياسيا جدياً يمكن البناء عليه وتطويره عبر الحوار, خاصة مع رئيس الوزراء اسماعيل هنية. ويعتقد انصار هذا الاتجاه ان حركة حماس برمتها هي الشريك الاصغر في الملف الايراني ولا يمكن ان تصل الى مكانة حزب الله مثلا. وفي داخل الحركة ذاتها ينظر الى قيادة اسماعيل هنية باعتبارها الشريك الاصغر الاقل ارتباطا برتيبات اقليمية وخارجية كما هو حال رئيس المكتب السياسي خالد مشعل. ويراهن هؤلاء على نجاح السعودية في اعادة مشعل الى "الحظيرة العربية" واستعادته من "الحضن الايراني" وقد ارسلت حماس بالفعل من الاشارات ما يدعم هذا الرهان.
الاتجاهان يتفقان على قضية واحدة وهي ضرورة التواصل مع رئيس الوزراء الفلسطيني ومساعدته على اتخاذ مواقف فلسطينية مستقلة عن تأثير "الخارج" وفي نفس الوقت تعزيز سلطة الرئيس الفلسطيني حتى لا يبدو ضعيفا فوق ضعفه امام حكومة قوية تمثل اغلبية الشارع السياسي الفلسطيني.
سياسيا يمكن الوصول الى تفاهم مع حماس حول نشاطها في الساحات العربية وتحديداً الاردن, فقيادة الحركة التي قبلت الهدنة مع "العدو الصهيوني" لا شك انها مستعدة لتقديم تعهد بعدم المس بالأمن الداخلي لدول عربية.
التطورات المحتملة في المنطقة لا تبرر ممارسة ضغوط على حماس لتقديم "تنازلات مؤلمة", يكفي ان تدعم الجهد العربي لاطلاق مبادرة السلام العربية والالتزام بعدم اعاقة جهود عباس التفاوضية. في المقابل على دول الاعتدال ان تكف عن معاملة حماس كقوة خارجة على القانون ينبغي محاربتها لمجرد انها لا تعترف باسرائىل, فالنتائج المتوقعة من كل هذا الحراك الدبلوماسي متواضعة للغاية في ضوء المشهد الاسرائيلي الداخلي, ونفاد الوقت المتاح امام كوندوليزا رايس لتحقيق اختراق تاريخي في عملية السلام. وبعد اشهر قليلة قد نجد ان لا شيء" تحرك في عملية السلام, فيما الولايات المتحدة مشغولة في "اعادة توجيه سياستها"- التعبير للكاتب الامريكي سيمور هرش- في العراق وتجاه "ايران النووية".
من الافضل لنا نحن "العرب المعتدلين" ان نشرع منذ الان باعادة توجيه سياستنا ازاء بعضنا البعض حتى لا نبقى مجرد ساحات لتصفية الحسابات بين واشنطن وطهران.