عن الشباب والإرهاب والحور العين؟
د.مهند مبيضين
06-03-2016 01:54 AM
أكثر من مسؤول أو خبير خرج ليقول أن الشباب يقرأون صورة الدخان وينتظرون الزواج من الحور العين، اعتقد أن هذا كلام جيء به دون قصد ليبرر فشلنا، ويسند الحالة إلى نص ديني مقدس، لا علاقة له بالراهن، وتظل مسألة الحور العين وعداً للمؤمنين الصادقين، أما هؤلاء الذين يتبنون الفكر الإرهابي فهم غير مؤمنين ولا من الصادقين أو أهل الإيمان بشيء. واستخدام نصوص دينية في الحروب حدث في الغرب والشرق على السواء لتوفير مجندين كانوا يمنحون وعدا بالجنة، وفي الإسلام يعود كثيرون لحركة الحشاشين كمثال تاريخي مشابه للدواعش واخوانهم وفي الغرب هناك فرسان الهيكل أيضا.
لكن البعض يحلو لهم ان يمارسوا ازاحة عن مسؤلياتهم واخفاقاتهم وينبشون بالنص القرآني الذي لا علاقة له بما حدث ويستعظم قتل النفس بغير حق ويرفض الترويع وقتل البغتة، اما آراء بعض الفقهاء وأهل العلم ففيها تطرف وقراءات خارجة عن التاريخ والسياق، ولدينا وعاظ من ازمنة ماضوية غارقون في نصوص القتل والقصاص وكأن القرآن والسنة خلو من غيرها، ولا تصل إليهم نصوص الرحمة والإعمار في الأرض والمودة بين الشعوب.
وهناك اساتذة جامعيون مقيمون بعدهم في زمن الفتنة، وثمة أباء كذلك وامهات، ومؤسسات ورجال دولة خارج التاريخ. وأذكر أننا كتبنا عن مشاهدات صديق وقاضي يمني درس في الأردن اواسط التسعينيات وزارها عام 2009 وروى لنا ملاحظاته عن ازدياد نسبة التدين الشعائري في صفوف كبار قادة وموظفي الدولة.
ونذكر جميعا أن هناك مؤسسات شبابية فاشلة امتهنت استخدام الشباب مجرد «كومبرس» وانه لا يوجد استرتيجية شبابية عاقلة او تحاكي التحديات، ونعرف جميعا أن الشباب العاطل عن العمل والذي باع أهله كل ما يملكون لتعليمه مسؤوليته على الدولة وليس على نص قرآني شاء البعض أن يجعله سببا لاخفاقهم وهو نص لم يخاطب هؤلاء الجهال المدعين للدين والقتلة وورد في اكثر من سورة قرآنية هي الصافآت والدخان والطور والواقعة ولا أعرف سببا للتركيز على سورة الدخان.
صحيح قد يقول البعض أن هناك استخداما مشوها للدين والنص القرآني، والتراث وهذا لا نغفله، لكن داعش واخواتها لاتقف عند هذا وحسب فهم يوظفون كل التراث العربي الشعري في اناشيدهم لبث الروح الجهادية في صفوف المقاتلين ومن ذلك شعر عمرو بن معد بن يكرب الزبيدي وشعراء آخرين.
هناك استخدم مشوه صحيح للدين، وثمة وعاظ وأئمة تكوينهم الفكري ضعيف هناك غياب للعدالة و للفرص الانتاجية وثقافة حرمان تتجسد، وانسحاب للحالة المدنية للدولة إلى دولة تراثية بنمطها السلطوي القائم على الغنائم والمكاسب، كل ذلك يدفع الشباب للتطرف، لكن في مؤسساتنا الشبابية والإعلامي ماذا انتجنا؟ اعدنا التسجيل لبرامج دعوية لرجال دين الناس لا يثقون بأغلبهم، صمتنا على العيوب وتركنا جهات محددة تقدم تعليما دينيا ممزوجا بفكرة التنظيم الحزبي فكانت النتائج وخيمة، كما أنشانا مؤسسات شبابية لم تع مفاهيم الحداثة والتحديث السياسي والفكر المستنير بقدر ما ترى أنها موكوله لتنتج فقط مناسبات احتفالية ولائية بدون محتوى فكري او بعد تنظيمي سياسي.
أخيراً غياب العدالة يؤدي إلى فقدان الشباب لقيمته أمام نفسه ومجتمعه فيلجأ للتعويض بأي سلوك.
الدستور