يا وصفي هذه الأرض ليست "قفار"
حمزة العكايلة
05-03-2016 02:45 PM
يوماً ما سيكبر أطفالنا وسنذكر لهم تلك الليالي التي أشعلها راشد ورفاقه ناراً على العِدى، وسيسألوننا ما معنى رجولة وشرف. سنقول لهم راشد ومعاذ ومنصور وكايد وهزاع ووصفي، ثم يسألوننا ما معنى راشد. سنقول لهم زيود. ويسألوننا وما معنى زيود. سنقول لهم إنها قصة طويلة بدات بحرف الشين وانتهت به (شرف وشهادة).
ثمة أوجاع توحد، وأخرى تفرق، لكنه قدر الأردن أن تكون أوجاعه جامعة، ولله الحمد.
نادرة هي المواقف التي يبكي فيها الرجال، لكن قلوبنا بكتك يا راشد الزيود. مثلما بكت معاذ الكساسبة وكايد عبيدات ومنصور كريشان وهزاع ووصفي. وكان فراقكم جامعاً لك الأردنيين، من كل بيت وحارة وشارع ومدينة ومخيم، شعرنا أن الأردنيين كلهم بالأمس زيود.
كل القلوب سكنها السواد، وارتمى في الحضن ألم، لكنه يشتد اليوم وغدا ليصبح باروداً وناراً بيد أطفالنا ندك به أوكار العِدى، ويغنون مرفوعي الرأس "أسود صباح العِدى يوم عليهم شين". وحنا ذعار العِدى طلابة للدين".
عميّ أبو راشد. جبهتك السمراء ستظل قبلة للعز والرجولة. ولن تنحني إلا لله، ارفع رأسك عالياً ورافق غمام المجد وانظر إليهم من عالي. ومن عالي. ومن عالي. فلا خِستهم تهز شعرة من شاربك ولا تصل لموطئ قدميك رؤوسهم.
وكلما شدك الحنين لراشد ساعة ليل مظلم. تذكر وصفي. وسيخبرك أن هذه الأرض ليست قفار. يا وصفي حقاً إنها ليست قفار. واقرأ ما تيسر من القرآن، وانظر بعدها للسماء ستجدها مزينة بثلاثة أقمار. وسيضيء قلبك وقلوبنا رغم الجرح والحزن ورغم كل ما مضى وما سيأتي سيظل جبينك الأسمر قبلة للعز والفخار وستبقى هامتك طوداً عالياً لا يدنو منه إلا الغمام الممطر بالخير، كقلبك وصلبك.
السلام عليك يا أبو راشد. أما راشد فإين نحن منه وقد سكن المجد. ونسأل الله أن يتقبله بين الشهداء. هناك حيث الرجال تشتم فيهم رائحة المعركة والبارود.