تجليات في سرادق الشهيد الزيود
اسعد العزوني
05-03-2016 12:20 PM
الشمل ملتئم، والجمع غفير، والحركة دائبة، وهناك الكثير على محيا الوجوه يمكن أن يقال، هذا ما قرأته خلال مصاحبتي لوفد من حزب الحياة الأردني برئاسة أمينه العام ظاهر عمرو ود.محمد كامل أبو عريضة وآخرين، إلى سرادق عشائر الزيود الأردنية الأصيلة في الزرقاء، لتقديم التهاني بإستشهاد ولدهم / ولدنا جميعا الرائد راشد حسين الزيود،الذي قضى دفاعا عن الوطن واقفا، يجابه العابثين الذين باعوا أنفسهم للشيطان، سواء كانوا من المخططين أو المنفذين في إربد قبل يومين.
توحدت المشاعر في ذلك اليوم، وأعيد مشهد استشهاد الطيار معاذ الكساسبة، وطغى على الأجواء شعار جمعي يقول: إنها حربنا، ويقيني أن من خطط لهذا العبث خبير عالم بنفسيات الناس، ويحسن اللعب على المشاعر وتوجيهها حيث يريد، وهنا تكمن الخطورة، بمعنى التوقيت لعب دوراً فعّالاً حيث توتير الجواء وقمة واشنطن الأردنية – الأمريكية.
كانت سرادق الشهيد الزيود يوم الخميس الماضي محجا للجميع، دون النظر إلى المنبت والأصل كما يحلو للبعض ان يقول، وكأننا خليط بشري متنوع الأعراق، متناسياً إما عن قصد أو دون قصد أننا شعب واحد وأصلنا واحد، ولا توجد على الأرض علامت تفرق، بل نرى عليها كل شيء يجمع، ولكن قاتل الله الظروف.
يتقاطر المدنيون من كل انحاء البلاد، ومسيرات جاءت من هنا وهناك، ورايات تحملها الوفود المدرسية، وجل همهم ليس مصافحة ذوي الشهيد وكفى، بل كان الجميع يحملون رسالة واحدة، مفادها أننا سنحمي هذا الوطن، وأن الأردن عصي على الخبيثين، إن نحن اتحدنا معا على قلب رجل واحد....
ولأنه من الذين شرفهم الله بخدمة الوطن، ويحمل رتبة عسكرية، فإن سرادق عشائر الزيود كانت تعج بالعسكريين من الجيش العربي، ولم لا وهو عرس للقوات المسلحة، لأن الشرف الذي يتمناه الجميع هو أن يرتقي إلى الله شهيدا، حتى أن الملحقين العسكريين العرب والأجانب جاءوا لتقديم التهاني لعشائر الزيود، وسط ترحيب شيوخ وشباب الزيود بهم ووصفهم بأنهم ضيوف الأردن.
إنه استفتاء شعبي بكل المقاييس، وإلتفاف مقدس حول الوطن المزنّر بالنيران من كل الجهات، كما أنه إلتفاف مقدس أيضا حول القائد العائد من قمة مفصلية في هذا الزمن المفصلي مع الرئيس الأمريكي أوباما، وهذا دليل على الوحدة والتآلف، أن ما يصيب الوطن إنما يصيبنا جميعا، وليس فينا أو منا من يتخلف أو يجبن عن نصرة الوطن أو تلبية نخوة قائد الوطن.
النفوس كانت تغمرها الفرحة لأن اللواء الزيود إرتقى شهيدا إلى الأعالي، ومن يكره ان يكون مستقرا مع الصديقين والنبيين، خاصة وأنه قضى مدافعا عن الوطن وكرامته، ويقيني أن الجميع تمنوا لو انهم قضوا شهداء مع الرائد الزيود، خير لهم من الموت كما نرى في البلدان العربية التي تساق إلى مذبح التقسيم سوقا قسريا بسبب دموية حكامها وفي المقدمة بشار "....".
أما الحزن الشديد الذي قرأته كامنا في النفوس، فهو ما نحن فيه وعليه من اوضاع يندى لها الجبين الحر في "بلاد العرب أوطاني"، ووصولنا إلى مرحلة نمارس فيها حرب الإبادة وما تتضمنه من تقتيل وتذبيح وتهجير وتدمير لأنفسنا بأيدينا، وفي حال عجزنا، قمنا بجلب الروس لمواصلة التقتيل كما فعل بشار "..." في سوريا، وسبقه بعض العراقيين الذين جلبوا التحالف الدولي بقيادة امريكا لاحتلال العراق وتدميره، بينما السرطان الذي ألقى به الغرب المسيحي في حلوقنا، وأعني بذلك مستدمرة إسرائيل، مستقرة آمنة نقوم نحن بحراسة حدودها.
وما هو أغرب من الخيال أن هذه المستدمرة التي تدين لنا بأمنها وإستقرارها، تمارس وعن قصد وسابق تصميم وإتقان تخطيط، إستفزازنا في أعز ما نملك وهي مقدساتنا، وتحديدا أولى القبلتين وثالث الحرمين المسجد الأقصى المبارك، وتدنسه وصولا إلى هدمه بعد تقسيمه، وتقتل الشباب والشابات والشيوخ والأطفال الفلسطينيين، وتدمر البيوت وتحرق المزروعات وتقلع الشجر، تعبيرا عن كرههم للحياة .
والأغرب أيضا أننا نمعن النظر في الجرائم الإسرائيلية وكأن الأمر لا يعنينا، بسبب ما وصلنا إليه من عجز وضيق أفق ورؤية، ولست كاشفا سرا عندما أقول أن مستدمرة إسرائيل باتت صديقتنا وحليفتنا وهي مرجعيتنا التي نحج إليها لتقديم الولاء والطاعة، في الوقت الذي يمارس فيه إعلامنا المرئي والمسموع والمقروء تلويث الفضاءات بادعاءاتنا الكاذبة، أننا نحب فلسطين وندعم الشعب الفلسطيني.
كم كانت عشائر الزيود ومن قبلهم عشائر الكساسبة ومعهم كافة العشائر الأردنية الأصيلة، يتمنون لو أن أبناءهم إرتقوا شهداء عند الله، وسقطوا مدرجين بدمائهم فوق ثرى فلسطين، في مواجهات لتحرير القدس والأقصى وفلسطين التي يحبون، كما هو الحال بالنسبة لأبطال الجيش الأردني الذين أصروا على المواجهة والدفاع عن شرفهم العسكري فوق أسوار القدس وفي منطقة وادي التفاح بنابلس ومنطقة الزبابدة في جنين في حرب عام 1967، وسجلوا انتصارات المواجهة وخلدهم التاريخ، وقال قائد حملة العدوان عن بطل معركة وادي التفاح الشهيد صالح الشويعر بعد أن ناطحهم بدبابته بعد نفاذ عتاده ":لو كان في العرب عشرة مثله لما قامت إسرائيل".
رحم الله الشهيد راشد الزيود وكافة شهداء الأمة، وألهمنا الله جميعا القدرة على إكتشاف الصواب والسير عليه لتحقيق آمالنا .