من الاكيد ان شهداءنا أكرم منا جميعاً, ورمز التضحية والفداء في حياتنا, لكن المؤسسة هي الاساس.. مؤسسة الجيش, منذ أن رفع الشهيد المؤسس علمه على اول معسكر, ومنذ اليوم الاول الذي اعلن فيه قيام الكيان الاردني. فالمؤسسة العسكرية بكل صنوفها, كانت, منذ تأسيسها, محور الاستقرار والثبات في حياة بلدنا. وحين ابتلى العرب بالديكتاتوريات العسكرية, حافظت المؤسسة العسكرية الاردنية على دورها الطبيعي في حماية الحدود, والاعداد والتطوير.. فلم تخرج من معسكراتها لتحكم بالقوة المسلحة, ولم تضع قواها في مواجهة شعبها. فكانت – كما كان فون بيسمارك يقول: النمر الأليف الذي يعيش مع اطفال شعبه.
كان عبدالله بن الحسين المؤسس يسمي جيشه الجيش المصطفوي, ورغم أن اعداده كانت بالمئات, الا ان اسمه كان الجيش العربي. وقد نما هذا الجيش بتقاليده الارفع, وعقيدته العسكرية الراسخة, فقاتل في العراق وسوريا وفلسطين من اجل وطن العرب.. ولم يرفع السلاح في وجه مواطن عربي.
كنا, وما نزال نختلف مع مواطنين اردنيين في النظرة الى الاجهزة الامنية. كانوا في احزابهم «العقائدية» يعتقدون انها معادية لهم. وكنا نقول دائماً: انها في خدمة النظام, لأن النظام في خدمة الوطن والعروبة. الان نجد الاحزاب كلها ان الاجهزة الامنية هي لحمايتهم, وحماية استقرارهم, وابنائهم, ومنجزاتهم الاقتصادية وبيوتهم ومدارسهم وشوارعهم. فهذه الاحزاب ترى بعينها ما يجري في سوريا والعراق ولبنان وليبيا واليمن.
حين يسقط شهيد تتغير مساقات الايام وتنزل الدموع, ويشعر الجميع بحرقة الفقد, لأننا نشعر جميعاً بأن هذا المواطن يتقدم الصفوف ويهجم لأنه يدافع عن وطن. وحين يشهد مواطننا فجيعة القائد بالفقد, يشعر أن القائد والشهيد هما وحدة واحدة في المؤسسة العسكرية, وأن الرجل الذي تستقبله واشنطن وموسكو ولندن وباريس هو رأس الدولة, ورأس المؤسسة العسكرية وحامي الدستور.
والاردن اولاً وآخراً وطن الشهادة والشهداء منذ غزوة مؤتة, الى الثورة, الى التأسيس فلم يحدث أن سقط مؤسس كيان الدولة حريصاً على ابواب اولى القبلتين كما سقط الشهيد عبدالله بن الحسين وتبعه الرؤساء هزاع المجالي ووصفي التل وابراهيم هاشم, وآلاف الذين قاتلوا بشرف في باب الواد وعلى اسوار القدس وفي بادية العراق, وجبال الجولان.
نواري ابطالنا, وتبقى عيوننا على المؤسسة العسكرية. فهذه عمود البيت في الكيان الاردني, والارهاب كالخيانة لم تكن ابداً وجهة نظر.
الرأي