وجع الكبار .. عندما تتحدث الصورة
عمر كلاب
05-03-2016 01:52 AM
كان الله في عون الشعب الاردني وهو يرى صورا متتالية كل صورة تحتاج وحدها الى وقفات وليست وقفة واحدة وهو لا يملك رفاه الوقت او سماحة النظر الى كل صورة بتمعن وعمق لسبر غور كل صورة، وقاتل الله اللحظة التي غالبنا فيها دمعة وفرحة في ازدواجية الصورة، فهل نزهو فخرا بتلك الصور؟ ام نشارك والدة واهل وطفلة وجع الفراق، فكل صورة قصة وكل قصة حكاية تُروى لاجيال قادمة، عن كيفية نجاح شباب آمنوا بربهم ووطنهم وقائدهم وجيشهم فزادهم ربنا هدى، وباتوا ايقونات وطنية سيحملها الاردنيون جيلا بعد جيل فقد اصبح البوم الشهداء واسعا وبات لكل جيل اردني ايقوناته الخاصة، فنستسمح وصفي وهزاع وشهداء الكرامة وشهداء باب الواد إن انحزنا قليلا او انحاز جيل الشباب الى راشد ومعاذ.
الصورة الاولى
ملك وابن ملك وحفيد ملك وسبط رسول كريم، يقفز الى القبر ليفكّ حناط شهيد وهو يغالب دمعة كادت تفرّ من عينيه في لحظة وجد انسانية على فراق ابهى الشباب واحلاهم عمرا ومعشرا، وكان قبل ايام يمتشق سلاحه بجانب قائده الاعلى وربما هدر كما كل الجند بحياة القائد وحماية الوطن فصدق الوعد وامسك عبد الله الثاني دمعته وحبسها في مقلتيه لتقول الصورة ما كاد ينفلت من القول والدمع، فقد نذرنا هؤلاء الشباب لمعركة التحرير والبناء وليس لمواجه ابناء جلدتنا الذين تغرر بهم او جرى تغييب عقلهم ولولا مهابة لقلت ان الوجع خاص لان القاتل لا يساوى إظفر الشهيد، ثم تأتي الصورة لفارس عسكري يمسك “ طورية “ ويهيل التراب على القبر، فأي ملك انت يا عبدالله ؟ وتستمر سردية الصورة التي ستبقى عالقة في اذهان الاجيال كلها مستذكرة يوم أطل الحسين رحمه الله من شرفة مستشفى فلسطين يحمل بكره الذي نذره لخدمة الاردنيين فصدق حدس الحسين كما دائما وصدقت الوعد يا عبدالله .
الصورة الثانية
لفارس لوحت الشمس جبهته فصار سماره على لون الارض يحمل شاربا كثّا ومتلصمّا بشماغ العز، يقف صلبا وهو يحمل نعش بكره ويهب الارض والشعب باقي الابناء بكل فروسية الارض، وليت الصورة تمهلنا قليلا، فهي تأبى الا ان تروي سرديتها وتروي حكاية بطولة وشهامة اردنية خالصة من جنوب الارض الى شمالها، حين تجمع الصورة اباء الايقونتين، راشد ومعاذ، فكيف لقلب ان يحتمل وكيف لعين ان تمسك دمعها وكيف لعقل ان يمنع ابتسامة زهو وفخر بهذا الوطن الذي بحجم وردة ولكنه لا يلين، العم صافي الكساسبة الذي جاهد في مجال التربية والتعليم والعميد حسين الزيود الذي جاهد في القوات المسلحة، فمن يشحذ عزيمة من ؟ وكلاكما شحذ هممنا ورفع معنوياتنا بصبره وصلابته فجزاكما الله عنا خير الجزاء، فكيف لوجعين ان تكون محصلة جمعهما صمودا ونصرا وحياة الا في وطن كريم كما الاردن .
الصورة الثالثة
نص شهادة مكتوب بماء طاهر من غربي النهر، يحمل وجعه ودم شهدائه ويفتح بيوت عزاء وبيوت فخار بشهيد
الاردنيين جميعا، فهم يعرفون ان الاردن وشعبها نذروه ليوم التحرير وتنتظره فلسطين على أحرّ من الجمر ويعرف اهلها الصابرون انه خسارة لهم وخسرانا من رصيدهم القومي والوطني.، فنعوه ورثوه كما عمان والزرقاء واربد والكرك،
فالدم واحد والجرح واحد والفرح واحد، فكيف لا تحزن القدس لوجع بني حسن وقراها السبع المحيطة بها كعقد فريد منهم ولهم وكيف لا تبكي الخليل ابن الكساسبة والكرك والحبل السُري لما يزل موصولا ونابضا بالكرامة والكرم ومن لغزة غير بوريهات الجيش العربي تداوي جراحها وتمسح الدماء عن وجهها القشيب، ومن ومن ومن، فكل ما فيها لنا وكل ما فينا لهم .
الصورة الرابعة
نقيب شاب اظن اسمه مأمون خليفة، اخفى وجهه بشماغ العز وقرفص على قبر الحبيب راشد يبكي بصمت وربما باح له بسرّ عسكري او عاتبه على سرعة الغياب، دون رؤية رفاق السلاح كيف حموا كل فرد فينا ونالوا من القتلة، فكانت دمعته دمعة كل رفاق السلاح وكانت حرقته تختصر قلوب الاردنيين جميعا، ثمة نص مفقود او لم يحضر، كتبته ام معاذ لام راشد ما زال اسير الدمعتين، او ننتظر صورة تقول ما نعجز عن وصفه، فطوبى لك ايتها الارض وطوبى للجند، وطوبى لنا بهم فنحن لا نبكي الشهداء بل نثأر لزكي دمهم، فعلى جند الاردن السلام وعلى قائد الجند السلام وعلى الامن واجهزته السلام وللناس في الاردن المسرة بهكذا قائد وهكذا جند.
الدستور