لا يتوقف العقل العربي فقط عند تراجيوكوميديا التمتع بتلقي العزاء ، بل يوغل في اللعبة لدرجة انه يعزي شعبه ووطنه وأحبابه ونفسه بعبارات وكليشيهات محنطة منذ المشاعية الأولى والأخيرة ... هذه العبارات كان هدفها العزاء في السابق- ربما- ، أما الان فتحولت الى اداة تنبلة وحض على مكارم الابنطاح على جاعد الوقت منفرجا حتى الأبد انتظارا للحل السحري المرتقب القادم لا محالة على فرس الشدة والمصائب والكوارث.ومن أهم آليات التهرب من مستحقات الواقع ومن معركة الحياة ، بيت شعري نسيت اسم قائله ولست مهتما بمعرفته، يقول:
اشتدي أزمة تنفرجي قد آذن ليلك بالبلج
لو قال هذا البيت أو هذه الحكمة مقاتل ضد الاعداء فإننا نفهمه ونعرف انه يقول ذلك لتقوية نفسه ورفاقة على الاستمرار في الصمود والتصدي والتحدي . لكننا للأسف نقولها ونستخدمها بإستمرار هروبا من مواجهة كل شئ... نقولها:
- اذاحتل الاعداء الوطن !!
- اذا اغتصبوا نساءنا !!
- وسحلوا اطفالنا !!
- اذا ارتفعت الاسعار !!
- وعم الفساد والافساد!!
- اذا اقبلت انفلونزا الطيور !!
- وانفلونزا العقارب !!
- وانفلونزاالبعارين!!
- وديزنطاريا السعادين !!
- وكوليرا المعلقات العشر!!
انها بكل بساطة احدى اليات الإنسان المقموع المقهور المهزوم الذي يبتكر الحيل النفسية لخداع نفسه قبل الاخرين .. حتى لا يفعل شيئا في مواجهة الواقع ... لأنه – حسب هذا المثل- اذا حاول تغيير السيء فإنه بذلك يقف في طريق اشتداد الازمة ... لأن الحل الوحيد لكل الازمات هو في اشتدادها حتى تصل الى حدها الاعلى ثم تنفرج ... لا نعرف كيف ولا لماذا ولا متى ولا اين ؟؟
بالضبط هذا هو الموقف المعكوس الذي نتوهم بواسطته بأننا نحل فيه مشاكلنا افرادا وجماعات لذلك فان ازماتنا تواصل الاشتداد حتى تكاد تخنقنا .
ghishan@gmail.com