لم يكن الأردن البلد الوحيد الذي دخل في جدل تسبب به تعديل دستوري منع مزدوجي الجنسية من تولي مناصب وزارية ومن عضوية مجلسي الأعيان والنواب , فقد شهدناه على إمتداد الوطن العربي في ظل الربيع حينذاك وكانت النقاشات متشابهة كذلك الدوافع.
التعديل الدستوري حظر على مزدوجي الجنسية تولي مناصب عامة , لكنه في ذات الوقت طرد عشرات من الخبرات والكفاءات التي تحتاجها البلاد , ومعظمهم من الأردنيين الذين هاجروا أو أتموا دراساتهم في الخارج.
في قمة دبي الحكومية كانت النقاشات مركزة حول كيفية إستعادة العقول العربية المهاجرة خصوصا ممن لمعوا وأبدعوا في الغرب من العلماء والأطباء والمهندسين والمهنيين , وبعيدا عن أسباب هجرتهم ومعها أسباب تفوقهم في بلاد الإغتراب , فقد قطعت تعديلات دستورية تمت في أكثر من بلد عربي هي أكثر حاجة لهم , الطريق على عودتهم سواء إن كان للإسهام في التنمية الإقتصادية أو لإثراء الإصلاحات السياسية والإجتماعية , فما الذي قد يدفع أحدهم الى العودة تحت عنوان الإقتصاد والعلوم وهو يعرف سلفا أنه لن يتمكن من عضوية أي من السلطات الرئيسية في البلاد.
مضى وقت على سريان تعديل المادة 75 من الدستور التي حظرت على مزدوجي الجنسية تولي مناصب عليا في الدولة ومنها عضوية مجلسي الأعيان والنواب , والتجربة يفترض أن توضع اليوم في موقع التقييم والمراجعة من حيث سلبياتها وإيجابياتها.
التعديل الدستوري أسقط عضوية عدد من الوزراء والنواب والأعيان من مزدوجي الجنسية وحظر عليهم تولي أي منصب في مؤسسات الدولة الأردنية المختلفة،وقد كانوا من ذوي الكفاءات والخبرات.
تعاني الإدارة الأردنية أزمةً ، فثمة خبرات وكفاءات تركت مقاعدها للعمل في الخارج ومنهم ممن يتمتعون بجنسيات أخرى عادوا الى تلك الدول وبلا أدنى شك فقد كان لهذا التعديل الذي أقر على عجل أثره على الواقع السياسي والإقتصادي والإجتماعي الأردني الذي سيحتاج دراسة , فلربما يكون إيجابيا أو العكس , فالحكم على التجربة سيحتاج الى تحليل النتائج بقدر تحليل الدوافع التي قادت اليها والتي لا يمكن إخفاء إرتباطها بظروف غير طبيعية في تلك المرحلة وفي ظل تحشيد وربما تحريض غير واقعي.
التعديل الدستوري حول شخصيات كانت مطلوبة لخبراتها الى مشبوهين يجب إستئصالهم , لكن نظرة واحدة على المستقبل , فسيكون الأردن ممتلئا بشبابنا الذين أرسلناهم للدراسة في الغرب والشرق عائدين بخبرات وكفاءات ومعها جنسيات تلك الدول , وبموجب المادة 75 من الدستور هم سلفا خارج الملعب الوطني.
الراي