غسان حجازين يرفرف وحيداً ..
احمد حسن الزعبي
01-03-2016 02:23 AM
أبطال الحروب ، يأبون دوماً الا أن يكونوا أبطال الحروف أيضا...وشرف الكتابة عنهم ولهم هي واحدة من مراسيم تتويج أرواحهم بالخلود والكرامة في زفافهم الأخير ..علّهم يغفرون لنا سهوتنا عن شقائهم ، علّهم يسامحونا على تقصيرنا طوال سنوات النسيان ، علّهم يودّعونا بابتسامة الآباء الراضين عن أبنائهم في نظرة الفراق الأبدي..
البطل غسّان خليل حجازين ابن السماكية تلك القرية الكركية المنسية ، قرر الالتحاق بسلاح الهندسة في حزيران 1958 كجندي أردني عربي يحمي استقلال الوطن الفتّي ويدافع عن ترابه برموش عينيه ، بعد هزيمة 67 ظلت الجيوش العربية تنزف بالهزيمة المفاجئة،تحاول تشكيل فرقها وألويتها الموجوعة بالنكسة، فأوكلت للإعلام مهمة رفع معنوية الجيوش من جديد علها تستعيد الثقة بالنفس فالشعور بالانكسار يعني الانهيار...الجيش العربي «الأردني» كان يختلف عن باقي الجيوش العربية فأفراد القوات المسلحة هم من كانوا يرفعون معنوية الإعلام بأفعالهم وقتالهم وتفانيهم رغم ما لحقهم بهم ما لحق من خسائر وارتقاء عدد كبير من رفاق السلاح شهداء خالدين الى جوار ربّهم...ولأن الحرب حسب عقيدة الجيش العربي لم تنته رغم الهزيمة ، أوكل الى البطل غسان حجازين مع بعض رفاق سلاح الهندسة مهمة زرع ألغام مضادة للأفراد في الخطوط الأمامية في منطقة الشونة الشمالية ،وفي حزيران ال68 ، وأثناء قيام «ابو زياد» بواجبه العسكري انفجر احد الألغام بين يديه فأفقده الوعي تماماً ليصحو في اليوم التالي على سرير احد المستشفيات العسكرية وقد فقد يديه...لم تفلح مستشفيات لندن فيما بعد بعلاجه ، واكتفت بتعويضه بيدين صناعتين بقيتا معه حتى لحظة وفاته 19 شباط الحالي..
صحيح أن البطل حجازين فقد نعمة اللمس بيديه الصناعتين، فلم يمسد بهما شعر أطفاله ككل الآباء ، ولم يمسح دمعة نزلت سهواً يوماً ، ولم يقرصهما برد الكرك أثناء مناوبته الليلية، لكنه الوحيد بيننا الذي يعرف ماذا تعني «قبضة» التراب الوطني...وما هو ملمس الكرامة الحقيقي...
لم ينته فصل الحكاية بعد...فغسّان حجازين الذي رفرف بجناحيه المستعارين 48 عاماً ،رفرف وحيداً حزيناً...عندما بخلت عليه الحكومة «بسيارة نقل موتى» تقلّه من عمّان الى مثواه الأخير في السماكية...غسّان حجازين رفرف بجناحيه وحيداً بعدما ضاع التكريم يوم التكريم..غسان حجازين في لحظة الوفاء والوفاة ، تنساه الحكومة ويذكره التاريخ ..
الراي