فازَ فيلم "ذيب" بأكثر من أوسكار. كانَ أفضلَ ممثل أردنيّ في دور بطولة حقيقيّ، فنحن نعاني تاريخياً من طغيان شبهِ البطل، ومن شدةِ نفوذهِ وشراستهِ واحتكارهِ المسرح. وبينما عبرَ أبطالنا منذ مطلع القرن الماضي إلى النسيان والإنكار والتجاهل، حَرِصَ الأشباهُ الجُددُ على التصفيق لممثلين "كومبارسُ"، ودفعوا بهم إلى غامرٍ من الضوء، وإلى كلّ سجّادة حمراء.
فازَ "ذيب" بأفضل عملٍ عن البيئة الأردنية، وتاريخها المُهمّش، وأفضل أوسكار في صناعة السمعة. تلك الصناعة التي ظلّت تتحكّمُ بها "وضحى وابن عجلان" و"رأس غليص" وعشائر بدو التلفزيون التي اختصرت المكانَ الأردنيَّ في غدير وورّادات ومضارب، وجعلت الأردنيّ طلّاباً للثأر والغزو والعصبيّة القبليّة، والأردنية قابعةً في "المَحرم" تنعسُ على صوت الربابة القادم من مجلس الرجال.
فاز "ذيب" بأفضل أوسكار في تسويقِ الأردن، خارج الإعلام الرسميّ البدائي، وخارج الإذاعات الحماسيّة، والملحقين التجاريين المحظوظين في سفاراتنا.
لقد صوّر المبدعُ ناجي ابو نوّار الفيلم بين جبال رمّ وكثبانها، بتقنياتٍ مُدهشة وفاز بجوائز عربيّة وعالمية، ليُعفي وزارة السياحة من طباعة "البوسترات" ولصقها في التظاهرات الدولية. ولنتذكر أنّ جناحنا في "اكسبو" ميلان قبل شهور، كان يقتصر على مُلصقات من جرش والبترا ووادي رمّ، وبعض زجاجات الرمل المُلوَّن، وركنٍ للمنسف والمقلوبة.
فاز "ذيب" بغنيمة الأوسكار كلها. فأصبح لنا أبطالٌ ونجومٌ لم يدرسوا التمثيلَ في جامعات الحكومة، وبات لنا مكانٌ يصنعُ فيه شبابٌ قيمةَ سينمائية مُنافسة عالمياً، فيما ينهمك الإرهابُ الدينيُّ في صناعة سينما الرعب من حولنا، وفيما ينثرُ أشباهُ الابطالِ الخوفَ من كلّ ضوءٍ في بلادنا.