" تداعيات قرار وقف اطلاق النار" ..
النائب حسن عجاج
28-02-2016 06:56 PM
أعلن ما يقارب مائة تنظيم مسلح الموافقة على وقف اطلاق النار بدءً من السابع و العشرين من شباط . و تأتي الموافقة تنيجة التوافق الروسي الأمريكي الذي تُرجم بقرار مجلس الأمن رقم 2268 الذي صدر بإجماع أعضاء المجلس أعقبه تصريح المبعوث الأممي " ديمستورا " بالاعلان عن بدء الحوار بين الحكومة السورية و أطراف المعارضات في 7-3-2016 .
لقد سبق قرار مجلس الأمن 2268 الذي يؤكد على وقف اطلاق النار و على ضرورة إلتزام كل الأطراف بالقرار الذي نصّ على ما ورد في قراري المجلس 2253 و 2254 . و جميعها تتضمن التمسك بوحدة و سيادة شعب و أرض سوريا ، و على تجفيف منابع الإرهاب و إغلاق الحدود لمنع تدفق الارهابيين و دخولهم الأراضي السورية .
حدثت هذه التحولات المتسارعة على الأزمة السورية بعد التحرك الروسي و دخوله طرفاً رئيسياً في محاربة المنظمات الارهابية ، و تحقيق الجيش العربي السوري انجازات ملحوظة على الأرض ، و بعد أن أدركت الولايات المتحدة الامريكية أن المعارضات المسلحة التي تدعمها إلى تراجع كبير في الميدان ، فسارعت إلى التنسيق مع روسيا الاتحادية التي أثبتت جديتها في محاربة الارهاب طيلة الأشهر القليلة الماضية .
حاولت المعارضات السورية المماطلة في البداية و وضعت شروطاً غير مقبولة تجاوزتها الأحداث ، و لكنها أعلنت الموافقة بناءً على طلب الولايات المتحدة . و كذلك فعل داعموها و حاضنوها من الأنظمة المعروفة الذين أعلنوا تأييدهم بقرارات مجلس الأمن .
دخل وقف اطلاق النار حيّز التطبيق ، و بدأ المراقبون يرصدون الواقع على الأرض ، و أعلن الراعيان للإتفاق أن أيّ خرق من أي طرف من الاطراف المعنية ، سيؤدي إلى ضربه و عدم التهاون معه ، و أنهما مصممان على تنفيذه بكل قوة و عزيمة . فهل يصمد وقف اطلاق النار في ظل هذا العدد الكبير من المنظمات المسلحة التي أعلنت الموافقة عليه و التي يبلغ عددها ( 100 ) منظمة رفضت إعطاء أسماءها بحجة الحفاظ على أمنها !! .
لقد وافقت الاطراف على القرارات بدون شروط مسبقة ، كما جاءت القرارات متناغمة مع التوجه السوري الروسي الذي يؤكد على أن حق تقرير المصير يقرره الشعب السوري وحده ، و أن للشعب حرية اختيار القيادة و رفض أي تدخل في شؤونه الداخلية .
لم يكن موقف المعارضات بأطيافها و مكوناتها العديدة موقفاً واحداً ، من الحل ، كما إنها لم تتفق على وفد واحد يحاور الوفد الرسمي السوري كما إنها تقف موقفاً متبايناً من سوريا المستقبل ، و كيفية بناءها و الأسس و البرامج التي تطرحها للدولة السورية الجديدة . كما تباينت آراؤها منذ بداية الأزمة ، حين حاولت الحكومة السورية عقد اللقاءات مع أطياف المعارضة منذ الأشهر الأولى للأزمة .
فهل أصبحت الظروف مهيأة الآن للحوار بعد الذي حلّ بالبلاد من خراب و دمار ، و بعد سيطرة داعش و النصرة و غيرهما على أجزاءٍ واسعة من الأراضي السورية ؟ و هل تملك المنظمات ال " 100 " التي قبلت وقف اطلاق النار و الذهاب لعقد مفاوضات و حوارات مع وفد الحكومة الرسمي القوة على الأرض التي تمكنها من محاربة داعش و غيرها ؟ أم إنها تعتمد على تغطية الولايات المتحدة و حلفائها لإيجاد موقع لها على طاولة الحوار المزمع عقده يوم 7-3-2016 ؟؟ .
لقد دخلت المعارضات جميعها في خانة الارهاب ، و سُخرت من قبل الدول الكبرى ، و أصبحت تُسيرها وكالات المخابرات الدولية لتنفيذ مخططاتها التدميرية للدول التي تعارض سياساتها التوسعية للهيمنة على مقدرات شعوب المنطقة و رهنها لمصالحها .
ولا تزال الشروط الأمريكية لحل الأزمة كما هي دون تغيير، فلا تسوية سياسية دون تنحي الرئيس ، و لا تحالف للمنظمات المسلحة مع الجيش في مواجهة داعش دون اشارات على رحيل الأسد !!. إن هذا الموقف الامريكي من الأزمة يعني أن أميركا لم تحقق بعد أهدافها من الحرب ، و أنها هي مايسترو هذه الحرب منذ بدايتها . و إن ارتفاع أو انخفاض وتيرة هذه الحرب على سوريا لا يزال قائماً ، و أن هذا يعني أن واشنطن لا تقبل حلاًّ سياسياً إذا لم تتمكن من نحقيق أهدافها . و إن المنظمات الارهابية المسلحة هي جزء من آلية الحرب الامريكية الصهيونية على سوريا التي ستستمر بدعمها طالما تساهم في تدمير سوريا و إضعاف قدراتها الدفاعية و زعزعة نسيجها الاجتماعي . و على العكس من ذلك فإن مواقف حلفاء سوريا سيستمرون في دعمها و تقويتها ، و سيعملون على حمايتها و الحفاظ على وحدتها و سيادة أراضيها . و سيبقى الرهان على الميدان لأنه وحده الكفيل بجلب الآخرين على طاولة الحوار .
أما الدول التي أدخلت نفسها طرفاً في الصراع ضد سوريا كتركيا و دول الخليج و غيرها، فسوف تبدأ أدوارها تضعف لأن تطورات الأحداث الميدانية و السياسية لن تكون لصالحها و سوف تعاني من أزمات سياسية و اقتصادية و اجتماعية و كذلك حال المعارضات التي أرهنت نفسها للقوى الخارجية .
سوف تفشل المخططات المعادية ، ولن تكون سوريا إلا لشعبها و لن تنجح محاولات القوى الخارجية في تقسيمها ، و سوف تعود دولة قوية محورية مؤثره لها دورها في صُنع المستقبل العربي ، وفي الصراع الوجودي مع الكيان الصهيوني . وسوف تظل البوصلة باتجاه فلسطين حتى يحقق شعب فلسطين حقه في العودة و تقرير المصير و اقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني .