التعددية في الإعلام الأردني .. نجاح "تجربة ديمقراطية" وليس "فلتانا إعلاميا"
خالد فخيدة
12-07-2008 03:00 AM
يعتقد بعض الساسة أو من عرفوا في المجاز الإعلامي "أصحاب النفوذ " أن بمقدورهم اليوم قمع الصحافة بين ليلة وضحاها، تماما كما فعل بعضهم في عقود سابقة، حينما كان مفتاح علو وتدني حرية الصحافة بين أيديهم إبان الأحكام العرفية.المشكلة في فكر هذا الطيف السياسي انه تعامل دوما في الماضي مع الأحداث من مبدأ "الباب الذي يأتي منه الريح..أغلقه كي تستريح "، ولذلك فما شهدته البلاد من جدل إعلامي خلال الشهرين الماضيين كان من وجهة نظرهم "فلتانا" ويستأهل تدخلا أمنيا عاجلا، لأنهم واجهوا مثل هذه الحالات قبل عودة الحياة الديمقراطية إلى البلاد بمعاقبة الصحيفة بإغلاقها أو تغيير رئاسة تحريرها ومنع الكاتب "مصدر إزعاجهم" من الظهور مجددا على القراء عبر صفحات الصحف.
وحتى لا نعود للتاريخ كثيرا، فإذا كان هذا العلاج قبل عام 1989 ممكنا بسبب الأحكام العرفية التي فرضت على الإعلام الأردني أن يكون موجها لأسباب كثيرة، منها أن عدد وسائله ما بين المقروء والمسموع والمرئي لم تزد عن الثمانية قبل عام 1989، فهذا الذي لم يعد ممكنا في أيامنا هذه.
فحينما نتحدث عن نظام ديمقراطي يدير شؤون حياتنا ونعتمده أساسا لصناعة قرارنا ويحتاج إلى حرية إعلامية، زاد عدد وسائلها اليوم عشرة أضعاف ذلك الرقم ومملوكة للقطاع الخاص باستثناء مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، فالأصل أن ينصب الحديث على شفافية المعلومة ومصداقية سريانها بين فئات المجتمع كافة وليس قمع الصحافة وإبادة حريتها.
ولإيماننا بان سقف الحرية تصنعه المهنية، فهذه المهنية تحتاج إلى المصداقية، ولكي يلبي الإعلام الوطني هذه الشروط، فالمطلوب من الطرف الآخر توفير المعلومة وليس حجبها، حتى لا تكون "الحيرة" سيدة تفريق الغث من السمين، وكي لا تصير الأجواء مفتوحة أمام محترفي الاصطياد بالماء العكر.
ومن باب زيادة الشعر بيتا، فاتجاهات الإعلام الأردني واستنفاره باتجاه مصالح الوطن واضحة للجاحد قبل المنصف، وخلاصه من الشطط الذي يظهر تارة هنا أو هناك مرهون بسريان المعلومات وشفافيتها، التي بدونها لن نخرج من فلك تمكين البعض من اختطاف الدخلاء على المهنة ليكونوا أبواقهم والمدافعين عن أجنداتهم الخاصة في السلطة الرابعة.
أما إذا رأى البعض أن التعددية في الساحة الإعلامية الأردنية "فلتان إعلامي" فهذا شأنه، وأما الغالبية فترى في شيختي الإعلام الوطني (الرأي والدستور) والمولود الأردني اليومي الأول للتجربة الديمقراطية (العرب اليوم) والغد وشيحان والحدث والحقيقة الدولية والسبيل والسجل وعمون ورم وايلا نيوز ومرايا وإذاعة فن أف أم وصوت المدينة وأمن فن أف أم وحياة أف أم وتلفزيون نورمينا وسفن ستار وغيرها، نتاجا ناجحا لتجربة ديمقراطية لم يتجاوز عمرها 18 عاما تسير في الطريق الصحيح.
فهذا المنتج الإعلامي الديمقراطي الذي سيّجه الملك بحماه وكرمه بالتوجيه بإنشاء صندوق للتدريب، مطلوب من الجميع حمايته بشفافية المعلومة والحجة في مواجهة الرأي الآخر.