غداً تشهد باريس ولادة مشروع الرئيس الفرنسي ساركوزي (الاتحاد من أجل المتوسط). الحفل سيقام في العاصمة الفرنسية بحضور رؤساء دول ورؤساء حكومات 43 دولة (27 دول الاتحاد الاوروبي+ 9 دول عربية + دول البلقان) اضافة الى اسرائيل.هذا الاتحاد ليس جدّياً انما هو اشبه بجمعية (تعاونية), ولو كانت اهدافه سياسية واقتصادية, او لنشر الديمقراطية ومبادئ حقوق الانسان, والحكم الرشيد لصفق له الكثيرون, خاصة في العالم العربي. لكنها اهداف متواضعة, تبدأ بالتعاون ضد (الارهاب والتطرف والاصولية) وتنتهي بمسائل البيئة والتلوث والطاقة الشمسية. وبالطبع لا يُعرّف (الاحتلال الاسرائيلي تحت بند الارهاب ولا تذكر (الصهيونية) في باب التطرف والاصولية, فالمقصود دائماً هو التطرف الاسلامي!!
مع ذلك, اجد في مشروع ساركوزي ايجابيات كثيرة يجب التوقف عندها منها: ان العرب, خاصة عرب المشرق والمغرب, من بلاد الشام الى مصر وبلاد المغرب العربي لا يزالون يؤمنون بشعارات مثل (الاتحاد). بهذا تشارك في مؤتمر باريس الجزائر والمغرب ومصر وسورية ولبنان والاردن وفلسطين. وهذا تطور مهم جداً, حتى لو كان تحت مظلة اوروبية اوسع واشمل, ذلك ان الحكومات العربية عملت طوال العقود الماضية على (تسخين) شعارات الوحدة والاتحاد, باعتبارها ضرباً من المستحيل, او خرافة جاهلين لا تنتمي الى معالم اليوم.
نصفق لساركوزي ونعيّش له لانه جمع اهل المغرب واهل المشرق, اضافة الى مصر تحت مظلة مشروع اتحادي حتى لو كان لصيد السمك!! وهو ما يمنح الأمل بعودة الروح لفكرة اتحاد عربي يحقق ربع اوخمس ما حققه الاتحاد الاوروبي.
ومن ايجابيات اتحاد ساركوزي العتيد, انه يخلق نادياً جديداً للدول العربية قد يؤدي الى تغيير مفاهيمها وسلوكها تجاه العمل المشترك في العلاقات البينية, العربية - العربية.
العمل الاتحادي مع الاوروبيين سيكون مدرسة سياسية واقتصادية لان الدول العربية المشاركة ستتعلم بان العمل المشترك ليس مجرد شعار, والبيانات ليست فقط حبراً على ورق, إنما التزامات واتفاقيات يجب ان تُنفذ وتُحترم. ومثل هذا التغيير في المفاهيم والسلوك, ان حدث, سيعطي نتائج اخلاقية تؤثر على نظرة الدول الى مواطنيها وبالتالي الى الأمة التي ينتمون اليها. مثل ان تحترم الحكومات وعودها للشعوب وان تطابق افعالها باقوالها.
واخيراً, لا بأس في اتحاد عربي - اوروبي, وحتى عربي مع الدول الاسكندنافية, فلعلَّ وعسى, ان يستيقظ العالم ويرى بأم عينه ان ما تعانيه شعوب جنوب وشرق المتوسط ليس التلوث ولا داء التطرف, إنما ولع انظمتها بالاستبداد واحتقارها لشعوبها بدليل انها تردد, صباح مساء ان الديمقراطية لا تصلح للعرب.