لماذا ينشط السفير القطري بندر العطية في عمّان؟
عبدالحافظ الهروط
28-02-2016 01:28 AM
اذا كانت مسؤولية نهوض الاوطان تقع على عاتق زعمائها ومعها رجالاتها وشعوبها، فإن السفراء هم الأداة والوسيلة في تقريب الشعوب والدول، هكذا يُعرف في علم المنطق، قبل السياسة وعِلمها.
اما الوقوف والتقاطرعلى ابواب القصر او الرئاسة لغايات "الاعتماد" لالتقاط الصور فما هي الا لحظات تخطفها الكاميرات وتوضع "الأوراق" في السجلات الرسميّة، ثم تنتهي المراسم، ولكن عمل السفراء هو الذي يبقى في ذاكرة الدول وذاكرة شعوبها.
الدبلوماسية العربية في ما بينها نتناولها في عجالة، فهي لم ترتق بكل أسف الى طموحات عالمنا العربي، والأسباب كثيرة، فهي محكومة بمعوقات تزداد ولا تنقص، وأحسب على الصعيد الشخصي انها معوقات أنظمة، لا معوقات شعوب، وإلا لما كانت دولنا بهذا الوضع المزري من دمار، وشعوبنا بهذا التشرد والذبح على مدار الساعة واتساع الساحة.
عن العمل الدبلوماسي، فإن معظم الشعوب العربية غير راضية عن سفراء بلدانها بالمجمل العام، حتى لا نظلم سفراء، حقاً انهم خير من يمثلون دولهم، وقد تركوا "بصمة" في العمل الدبلوماسي واستطاعوا بسياستهم وفهمهم وأخلاقهم وطيب معشرهم ان "يُروّضوا" شيطنة السياسة ومكرها، وما فعلته من تباعد وتباغض بين البلدان العربية.
قبل سنوات ، كان المجلس الاعلى للشباب في الاردن يجمع الشباب الاردني الذين يقيمون في الخارج وهو لقاء سنوي، عندها أبدى العديد منهم، وخصوصاً الطلبة، انزعاجهم الى درجة السخط على السفارات الاردنية لعدم تواصلها معهم، فكيف الحال في التواصل مع سياسيي ودبلوماسيي تلك الدول؟!
الحديث قد يتشعب، عندما تكون هناك حروب وكوارث طبيعية وارهاب، تجعل الدول الحريصة على رعاياها تقف على قدم واحدة، ذلك ان فقدان أي مواطن يعد جريمة وتقصيراً في عمل السفارات.
ما دفعني للكتابة في هذا الجانب، هو ان العالم العربي المنقسم على نفسه، المتشظي جراء حروب هنا وهناك، نتفرج عليها جميعاً نحن العرب أنظمة وحكومات وشعوباً، الا من محاولات يقودها بعض من أصحاب الشأن، فأين الدبوماسية العربية، التي تنهي هذا "الجليد" الذي ان لم يكن حرباً، فهو جمود بالعلاقات؟!
صحونا على علاقات عربية، كانت تمّر بجدول من "السمن والعسل" ولكنها اعتادت ان تكون "نهراً من الجفاء" الذي تدفع الشعوب والأوطان ثمنها اليوم، فالمصير العربي واحد ، شئنا أم أبينا، يا أنظمة الحكم.
في هذا الجانب الدبلوماسي، يبرز على الساحة الاردنية حراك نشط يقوده سفير دولة قطر الشقيقة بندر بن محمد عبدالله العطية بفهم المرحلة وبُعد النظر وروح وفن الدبلوماسية وصفاء النية ومحبة العروبة ونبل البداوة.
حراك يقترب فيه الى الوسط الاردني بكل مكوناته، أبناء عشائر في البوادي والمدن والقرى والمخيمات.. يتسامر مع الوجهاء وأهل السياسة والرأي ورجالات العشيرة، يحاول جاداً ان ينتج مناخاً رحباً ليس على مستوى الدولتين اللتين لهما من التاريخ ما يُطمئِن الشعبين الاردني والقطري على علاقتهما التاريخية الراسخة التي أرساها الأوائل ويسير فيها ويؤصّلها من تسلموا لواء المملكة والدولة الشقيقة، لا بل ان العطية في حراكه هذا عازم على انتاج ما يتعدى مناخ الأردن وقطر الى بقية الدول العربية ومنها دول الخليج من خلال لقاءات السفراء المعتمدين في عمّان.
ان ما يتمتع به العطية من صفات كهذه، وغيرها، من صفات رجال الدبلوماسية الدهاة القادرين على "رتق الخرق" مهما اتسع، لا شك انه سينجح في مسعاه، لأن أهل البصيرة في الاردن ودول الخليج والدول الشقيقة على الصعيد الدبلوماسي والشعبي يشاركونه ويساندونه في هذا الحراك.
العطية وهو الذي درس في الاردن بالأمس، يأتي العمل السياسي به اليوم، يستمد من إرث والده، مؤسس الجيش القطري والملقب بالزعيم، محبة الأردنيين، فقد بنى الوالد وبرغبة من الراحل الحسين، بيتاً في عمان، ولسان حال العطية يقول: عمان والدوحة لا انفكاك لهما.
أقول للعطية، وأنا الذي لم أره من قبل حتى كتابة هذه السطور، ولم اعرف أين سفارة قطر الا انها في عمان، ولم ادخل سفارة عربية او أجنبية في حياتي، باستثناء سفارتي الاردن في العراق وقطر، الأولى في زيارة عمل بُعيد حرب الخليج الثانية، والثانية كانت في مهمة صحفية، اقول: أهلاً بسعادة السفير وكل السفراء الذين يعملون لدولهم وللعالم العربي، سواء لإذابة الجليد وطي الخلافات وإعادة ارساء قواعد نهوض الأمة، او الذين يحلون ضيوفاً اعزاءً في بلدهم الثاني الاردن العروبي وعلى الشعب الاردني القومي في طبعه وطيبته.