عن سؤال الدور والأهمية والريادة تكفل رئيس أقوى دولة في العالم بالإجابة , فقال الرئيس الأميركي «الأردن بلد له دور محوري يتجاوز إمكانياته المحدودة".
ميزة جلالة الملك عبدالله الثاني القدرة على الإقناع , وكما كان خطابه نجم مداولات مؤتمر لندن , هاهو ذا يترك أثرا بالغا في سدة صنع القرار في واشنطن.
لا يعتمد الملك على التقارير المنقولة ولا على التصريحات المتناقلة , فيحرص على الإستماع والمناقشة في دوائر التأثير العالمي ومواقع صنع القرار , فيتنقل في ظل أجواء غاية في الحساسية والخطورة لصنع تأثير في مسار صنع القرار وفي ذات الوقت يكون شريكا فيه.
في واشنطن إنشغل الملك تماما في الحصول على دعم اقتصادي للبلاد التي ترزح تحت ضغوط غير مسبوقة , لجوء سوري ضاغط وأزمة اقتصادية ذات طابع محلي وإقليمي.
صحيح أن الاضطرابات في المنطقة رتبت أعباء كبيرة على الأردن لكن أستطيع أن أقول أن هذه الاضطرابات يمكن أن تشكل في ذات الوقت فرصة كبيرة لتحقيق فوائد للاقتصاد بحسن الادارة والجرأة في إتخاذ القرارات وتنحية الحساسية المفرطة في التعامل مع هواجس وتداعيات هذه الاضطرابات , لكن حتى الأن ما نزال نفوت الفرصة.
وفي غمرة التساؤلات عن نقاط التغيير التي سجلت خصوصا في الشرق الأوسط على مدى الأعوام السابقة بينما يتزايد التوتر والصراعات المعيقة للتنمية بالنسبة لشعوب تواقة لإحداث الرفاه يبرز الأردن , الذي يسجل تقدما في مسيرة الإصلاح السياسي المضمونة من إرادة قيادة فذة تدرك مفاتيح التحديث تريد للبلد أن يكون نافذة التغيير ونموذجه ونبراسه المضيء لمصلحة كل شعوب المنطقة.
نجاح الأردن في الإفلات في كل مرة من عنق الزجاجة يثير الدهشة فقد أثبت على مدى العقود الماضية أنه قادر على التعامل مع الصدمات و المؤثرات بمرونة كبيرة تتجاوز استيعابها إلى تحويل السالب منها إلى ايجابيات. وان أتت الرياح بما لا تشتهي السفن أحيانا, فان سرعة التكيف, مع هذه المتغيرات كانت ولم تزل سمة الاقتصاد الأردني الذي لا يستسلم لظروفه كقدر محتوم , يتجاوز ضيق ذات اليد, إلى القدرة على تحقيق التنمية.
نجا الأردن من مفاصل وتحولات كثيرة , لكن آن الآوان أن نتوقف عن إستخدام مثل هذه المصطلحات حين يتعلق الآمر بتجاوز الأزمات , فهذا البلد مستقر وممتد , بينما يحتفل بمئوية الثورة العربية الكبرى ليذكي الروح القومية العروبية التي نفتقدها اليوم.
الرأي