العلاقات العربية الجوفيّة !
خيري منصور
24-02-2016 01:51 AM
ما يسمى العلاقات العربية البينيّة يشكو من التباس مُزمن، فهذه العلاقات منذ ستة عقود على الأقل لها وجهان، احدهما اعلامي يطفو على السطح والاخر جوفي وهذا ما كشفته وثائق ومذكرات لكنها صدرت بأثر رجعي، وحين يقال، ان اختلاف وزراء الاعلام العرب يقابله ائتلاف وزراء الداخلية فالمقصود بذلك هو تغليب الأمن على اي مجال آخر، وهذه مسألة لا تناقش بشكل عابر، لأن لها مقدمات وحيثيات تتطلب دقة مُفصّلة.
وهناك نكتة سياسية سوداء تداولها العرب ذات يوم، ومناسبتها ان دولتين عربيتين بلغ الخلاف بينهما حدا ينذر بالحرب، وفجأة تذكرتا انهما شقيقتان، وكان طلبة المدارس كالعادة اصطفوا على طريق المطار حين زار احد الرئيسين عاصمة الدولة الاخرى، فهتفوا على مسمع منه يعيش العميل فُلان، ذلك لأن ذاكرتهم مشبعة بصفات سلبية اطلقها الاعلام على ذلك الرئيس فغلب الطبع التطبع كما يقال!.
حتى الصّيغ التي تمت بها الوحدة كانت قصيرة العمر وذات نتائج اقل ما يمكن ان يقال عنها، انها انشقاقية فهل من فقيه لُغوي يكشف لنا عن القرابة بين الشقيقين والشّقاق لانهما توأمان في ثقافة العرب السياسية الحديثة .
ولأن العلاقات غالبا من تكون فوقية وعلى مستوى قمة الهرم وليس سفوحه او قاعدته العريضة فإن موقفا واحدا حتى لو كان مجرد زلة لسان يفعل ما لم تفعله البسوس بقبيلتها او داحس والغبراء . هكذا اذن، ما ان يرتطم كوز بجرّة حتى تنقطع الشرايين كلها، ويصبح شقيق الامس عدو اليوم او العكس!.
ان ملف الاعلام العربي منذ اكثر من ستة عقود يصلح مادة نموذجية لوضع عينات منها تحت المجهر السايكولوجي وبالتالي اكتشاف الفيروس اللعين وشديد التأقلم الذي اختبأ في ذلك الاعلام وأدبياته .
فمن تبادل الهجاء والتخوين الى تبادل التكفير والتجريم، والاعلام الذي يشكو الان عبر فضائياته من ألفاظ سوقية وفاحشة تتردد على ألسنة ابناء هذا الجيل عليه ان يدرك بأن فاقد الشيء لا يعطيه، وان يعيد قراءة ذلك المثل القديم المتجدد وهو : رمتني بسهمها وانسلّت .... انه لم ينسل حتى هذا الصباح!
الدستور