عمون - ضياء الطلافحة - بالامس وصل "عمون" وقطرات الماء تغطي نظارته التي تعينه على رؤية ما تبقى من عمره، حيث لم يكن يعلم الستيني "ابو محمد" ان السكري سيضعف بصره وربما يفقده كما فقد قدمه اليمنى التي بترت في عام 2008.
ابو محمد وهو اسم مستعار من مواليد السلط عام 1954 ويقطن بمنطقة الجدعة لديه ولدان وابنة اكبرهم متزوج ويعمل في مديرية الدفاع المدني،واصغرهم يدرس في الثانوية العامة.
ابو محمد بدأ نظره بالآونة الاخيرة يضعف شيئاً فشيئاً فها هو يحاول جاهدا ان يقرأ لـ عمون مجموعة من الاوراق والتقارير الطبية التي مضى سنوات طويلة على وجودها في جيب ثوبه الرث القديم، متأملا مصادفة احد المسؤولين او اهل الخير ليعينوه على شراء عدسات ليتمكن من الرؤية بوضوح،حيث تؤكد بعض الاوراق انه لا يتقاضى اي راتب من وزارة التنمية الاجتماعية او صندوق المعونة او حتى وزارة المالية.
يقول أبو محمد بدموع أخذت تترقرق لوداع محجرها "قطعوا رجلي وما تأثرت، بس والله يا عموو النظر كل شي بالحياة، بديش انعمي تالي عمري".
سكت قليلا خوفا أن تفضح عباراته وقار وهيبة رجولته وتابع قائلا "انا بتعالج في المدينة الطبية على تأمين ابني العسكري، وما في مشكلة بتعالج مجانا وبدفع ربع دينار ثمن العلاج، بس المشكلة ان المستشفى حكالي عيوني بدهم عدسات ولازم انا اشتريهم على حسابي الخاص".
وزاد ان ثمن العدسات في مراكز العيون يصل الى 500 دينار الا انه تمكن من الحصول على خصم 16% ليصبح ثمنها 375 ديناراً حيث قام وقبل فترة طويلة بتأمين مبلغ 50 دينارا دفعه كعربون لمحل في مدينة السلط وحتى هذا الوقت لم يستطع تأمين ما تبقى من ثمن العدسات .
ظل أبو محمد يقاوم دموعه العصية رغم ضعف عينيه إلا أن دمعة قهرٍ إستطاعت مغافلة كبريائه لتتسلل منهمرة على ثوبه لتضيع بسرعة مع قطرات المطر التي رافقت رحلة أبو محمد من السلط الى عمان.
مسك أبو محمد طرف "شماغه" محاولا مسح ما سقط من عينيه خلسة، وبخجل العزيز الذي جارت دنياه عليه قال أبو محمد "يا عموو بناشد أهل الخير والنشامى إنهم يساعدوني على تأمين العدسات، ما ودي أفقد عيوني".