سبع دقائق و ثلاث ثوان و "سمعان مش هون"
عدنان الروسان
21-02-2016 07:05 PM
في مؤتمر المانحين ألقى جلالة الملك عبدا لله الثاني خطابا استغرق سبع دقائق و ثلاث ثوان و قد وجدته من أفضل الخطب السياسية التي سمعناها و قراناها في السنوات الأخيرة و قد جمع بين جودة الخطاب السياسي و واقعية الرؤية و وضع الأمور في نصابها الصحيح فيما يتعلق بموضوع المؤتمر و الخطاب ، و حلل بأقصر الجمل و أكثرها مباشرة الوضع الأردني و الإقليمي و الدولي و أوصل الرسالة التي رغب في توصيلها و كان يجب أن تصل إلى كل من يهمه الأمر و بغض النظر عما إذا فهمها المرسل إليهم أم لا ، و بمقدار ما كان الخطاب على قدر عال من الأهمية بمقدار ما كان اهتمام الحكومة به باهتا و اهتمام الإعلام الرسمي به رخيصا يصل إلى حد الإسفاف.
أحيانا نقف حيارى أمام الإعلام الرسمي الذي قد يعطي مساحات واسعة جدا من الوقت لأمور لا تستحق و أحيانا يتراجع أمام حدث أو موقف وطني و كأنه يستحي بالأردن و مواقفه ، أو كأنما الإعلام الرسمي يظن أن أغنية حماسية أهم من خطاب على قدر كبير من الأهمية للملك يتناول فيه أحوال الأردنيين و سياسات الدولة الأردنية و نظرة النظام إلى كرامة شعبه و مستقبله و رفاهة ، أما الحكومة فإنها منبت على الشعب لا ظهرا أبقت ولا أرضا قطعت و الرئيس يظن أن الأردن مضافة و هو فيها مختار و على الناس أن تؤيد المختار في كل ما يقول و في كل و كأن مهمة الحكومة و وظيفتها أن تكون جابية " للمال و العشار " و أن تكون صاحبة مكس و لا يدخل الجنة صاحب مكس ، فكيف ان كانت هذه الحكومة قد ابتدعت جمع الجمع في اللغة و التحصيل للمكس و المكوس .
لقد كان من الأولى أن تتنبه الحكومة لخطاب الملك و أرجو أن يجد رئيس الحكومة و وزير الخارجية و وزير الإعلام الوقت لقراءته مرة أخرى و أن يستنتجوا اذا ما كان يستحق أن تنظم له بعض الندوات و ورش العمل لقراءته و مناقشته و البناء عليه و يجب أن نمتلك الشجاعة للتأشير على المواقف الصحيحة و الوطنية التي تدفع باتجاه ما يريده الناس و يتوافق مع رغباتهم ، كما أن ما أدعو إليه أن يكون هناك جهدا وطنيا إعلاميا و فكريا و ثقافيا لمناقشة الرؤى السياسية و المواقف التي يجب على المجتمع أن يقف عليها و يتعرف عليها و أن ى نفوت على المجتمع فرص المشاركة في قراءة مستجدات المنطقة و مستجدات السياسة و الأمن في الإقليم و الوطن.
على الحكومة الرشيدة أن تنظر في وجوه الأردنيين لترى و تقرأ كمية البؤس و الإحباط و اليأس التي ترتسم على ملامحهم ، و على الحكومة أن تستحي " و الحياء شعبة من شعب الإيمان " على نفسها أن الملك لاحظ ذلك و الحكومة لم تفعل و هي الأولى بالتنبه إلى مثل هذه الأمور ، و أن تجد الأمور لحلها أو على الأقل مواساة الناس فيما يعانون من فقر و قهر و بؤس ، لا أن تكون الحكومة متفرغة بكل وقتها و مستعدة دائما بكل خيلها و خيلائها لمناكفة مجلس النواب و مدح كل ما يصدر عنها و كأنها نرجسية أكثر من نرجس نفسه .
نحن لسنا كما تريد أن تصورنا الحكومة " عال العال " و الأمور كلها بخير و سنشكر الحكومة على ما فعلت في المستقبل كما يحب رئيسها أن يصور الأمور ، إذا كان الملك قد اكتشف و تيقن أن الأردنيين ليسوا على ما يرام فهم كذلك و على الحكومة أن تدع أسلوب التغشي و دلع العذارى و أن تتنبه إلى ما يحدث و أن تبني على الجهود الملكية كلما تطلب الأمر ذلك ، فاحترام الملك لا يكون بالهتاف و الأناشيد و الأغاني و لكن بالعمل الجاد المثمر الذي يساهم في إضافة جهد بناء يمكن البناء عليه و الاستفادة منه .
كان حري بالحكومة و تلفزيونها الألمعي أن يهتموا بخطاب الملك ذو السبع دقائق و ثلاث ثوان بدل حالة " أم العروس التي تعيشها الحكومة و إعلامها الرسمي " .