لأنّ الصبرَ الاردنيَ استراتيجيٌ وقائمٌ على الحرص الشديد على الاستقرار والايمان بحتمية البقاء بأمن وأمان، وبخطوات الملك وتحركاته على مدى السنوات الماضية التي شكر القائدُ في آخر خطاباته المواطنين على تحملهم وصبرهم، ها هو العالم ممثلا بامريكا الاقوى، يحيط الاردن برعاية نسأل الله أن يحفظ الاردن بعنايته لتتعدى الازمة وتنتهي غمّة الحرب وشبحه ونبقى نستظل بظل الله وعطفه.

الرئيس الاميركي حينما يوقّع الليلة (مساء السبت) على مسودة قانون ينص على تخويل وزير الخارجية الامريكي الدخول في تفاهمات مع الاْردن بخصوص زيادة المساعدات الاقتصادية والعسكرية قبيل زيارة الملك إلى واشنطن ولقائه الرئيس الامريكي باراك اوباما تعني للذين يفقهون معنى وأبعاد تجوال الملك لعواصم صنع القرار أن وراء هذا البلد رجلاً بالف رجل وأن جهده لم يضع سدى.

مسودة القانون وسرعة البت في تلبية طلبات المملكة العسكرية والأمنية والاقتصادية تحفظ السلام لوطننا ولدول محيطة كانت ربما تعتقد لفترة بسيطة أن الحزام الناري الملتهب الذي حذر منه الملك مرات ومرات لن يصلها فوقفت متفرجة بمد يد العون للمملكة وظلت متسائلةً: ماذا يمكن لزعيم دولة حجمها بحجم حارة من حاراتهم الممتدة أن يفعل دونهم؟

الملك الذي اشاد بصبر وشجاعة الأردني كان يعرف ما يُعانيه شعبنا من ضيق وألم إثر الوضع الاقتصادي والمعيشي للناس وكان الاردنيون معه ملتزمين بايمانهم به وبصبرهم على كل ضيق لكنهم في قرارة انفسهم يعرفون ان وراء وطنهم زعيماً تحركه الحكمة وأفقه واسع ومداركه تستوعب كل شيء.

لا يحتاج الكونغرس الاميركي لنخوة كي يتعجّل في اصدار الموافقات اللازمة لبيع الاسلحة والمعدات العسكرية للاردن فقد كنت شاهداً وزملاء في المهنة كيف كان الملك يقود حوارات ولقاءات ليل نهار مع لجان الكونغرس والمؤثرين فيه التقاهم في واشنطن ذات سنة قريبة وكنا نرى كيف كانت عيناه متورمتين سهراً واملاً وكيف اسهب في الشرح لهم عن حاجة العالم لان يكون الاردن آمناً، وتابعنا كم كان الملك ساهراً وآمنا على مستقبل بلدنا وشعبه ولاحظنا مدى احترام الكونغرس وخاصة "اللوبي" الضاغط المؤثر فيه وحاجتهم لمساعدة الاردن لعيون سيدنا وجوار بلده.

مكافحة الأردن للارهاب والتزامه الواعي وتشخيصه الدقيق للعلّة والعلاج وصدقيته التي يقل نظيرها بين دول في المنطقة جعلت بلدنا موئلاً للطمأنينة والمثل المخلص بمهنية بالغة أمنيّة وعسكريّة للعمل والانجاز بعيدا عن أي تشكيك أو سوء نية من متربص هنا أو غاضب هناك.

التوقيع على القانون ليس عملاً عادياً يمر بلا احتفاء وتقدير، إنما نتيجة حتمية لجهد مضنٍ لملك البلاد على مدى سنوات استحقها الاردن لانه الاصدق والانبل في تنفيذ السياسة العامة لامن الدول وسلامة مواطنيها، والاصدق في رؤياه ومقولاته ونصائحه، ولذلك وجب توجيه التقدير لمليكنا على نجاحاته وسهره وتحقيقه آمال الامة والعناية باستقرارها بدون ضجة أو تطبيل.