-1-
كم يكتظ المكان بالوحيدين والوحيدات... كأنه أرخبيل من الجزر المعزولة عن بعضها!
-2-
حينما انتبه من نومه، تحسس رأسه فوجده مكانه، فاطمأن، ولكنه حين مرر راحة يده على مكان عينيه لم يجدهما، كان ثمة سطح أملس، بسرعة تفقد أذنيه، وأنفه، لم يجد شيئا، لم يبق له غير فمه.. فبدأ بالصراخ، ولكنه لم يسمع صوته!
-3-
أمد يدي إلى الأزرق، اللازوردي، لأجمع قبضة غيْــمٍ، وفلِّ وأنثر عطر الرحيق المُصَفّــى، على شاهد قبري، لأدرك أني رقدت هنا، قبل موتي، طويلا طويلا، وأن علي بأن لا أظل أصارع ظلي!
-4-
بوسعي أن أتوسد ذراعي، ولكنني، أخشى أن أدمن الوحدة، لأنني اعتدت أن آخذ مكانك الأثير!
-5-
جل إن لم يكن كل مشكلات مجتمعنا العربي المعاصر، تكمن في الشقاء العاطفي الذي يعاني منه شبابنا، الأمر الذي يعيق القوة الضاربة والتغييرية في المجتمع، عن إحداث التطور المطلوب، والنهوض من كبوتنا الحضارية الشاملة.. هذا الشقاء ناتج في الدرجة الأولى عن القيود العاتية التي وضعتها التقاليد البالية أمام الشباب والشابات فمنعتهم عن العيش بصورة طبيعية، وتكوين الأسر بيسر وسهولة، وتحضرني هنا حقيقة كبرى تقول إن أحدا في أمتنا وعبر تاريخها الغابر لم يكن مسموحا له أن ينام وحيدا، ولنتذكر قصة سعيد بن المسيب أحد كبار تابعي صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين كره لأحد تلاميذه الفقراء أن ينام وحيدا ولو ليلة واحدة بعد أن ماتت زوجته فزوجه ابنته بدون مهر تقريبا علما بأنه رفض أن يزوجها لابن «أمير المؤمنين» وهذه قصة تروى..!
-6-
سأخْرُجُ مِنّي، وأفتَحُ بابًا إِليَّ، لكيْ لا يصِلْني سِوايَ، وأرْقُبُ كيفَ أكونُ وحيدًا معي، أعانق نفسي، أصفّي حسابي القديم.. وأقفلُ بابَ التمنّي!
-7-
البعض يظن حين يرى فنجان قهوة وحيدا، أن ثمة واحدا يشربه، وحين يرى فنجانين يحسب أن ثمة قصة كبيرة! نسي هؤلاء أن ثمة اثنين يمكن أن يشربا من فنجان واحد، وحينذاك؛ يكون ثمة قصة أكبر!!
-8-
حينما يكون وسط الناس يشعر بوحدة شديدة، وحينما ينفرد بنفسه، وحيدا، تتبدد وحشته، ولا يصبح «وحيدا»!
-9-
الوحيد حينما يلتقي وحيدة يصبحان وحيدا ووحيدة!
والوحيدون حينما يلتقون وحيدات يصبحون وحيدين ووحيدات، حاصل جمع هؤلاء وأولئك لن يصبح «جماعة» أو «مجتمعا» إلا إذا صار حاصل جمع نقاط الماء الصغيرة جدولا!
الدستور