في مخيمات الفلسطينيين في العالم الاف الشهود، ممن عاينوا نكبتي 48 و67، وهؤلاء شهود عيان، قابلتهم فضائيات كثيرة، وكتب كثيرون شهاداتهم، عن ايام النكبات.
لكنك لو سألت مئات الاشخاص عما يعرفون من هذه الحكايات، لاكتشفت ان اغلبهم، لايعرف سوى عموميات، لان ضخ الاعلام الجائر، لم يترك مكانا في الذاكرة لهذه الحكايات، هذا اضافة الى غياب الكتب والمجلات والصحف التي تنعش الذاكرة حول اختطاف فلسطين، فيما الفضائيات تتناول القضايا بشكل وثائقي، في المناسبات فقط.
حجم الغياب خطير، وشهود العيان، يرحلون يوما بعد يوم، ولاجهد عربيا او اسلاميا او فلسطينيا، لتوثيق هذه الشهادات، ولو ذهبنا الى اي مخيم في الاردن او فلسطين او لبنان او سورية قبل اختطافها هي الاخرى، لتعرفنا على مئات الاسماء التي تبلغ من العمر الان، مبلغا، وقد شاهدت بأم عينيها النكبة والاحتلال والترويع، ولكل واحد قصته التي تختلف عن الاخرى وتستحق الرواية.
الصهاينة، سربوا روايات مهينة للفلسطينيين، بقصد تلطيخ سمعتهم، قالوا انهم فروا من الاف القرى، ولم يحاربوا، وقالوا ايضا انهم باعوا ارضهم، والكارثة ان بعض العرب يجد في الرواية الصهيونية، مخرجا من مسؤوليته، ويشارك عن عمد في تبنيها، ليهين الفلسطينيين ايضا، باعتبارهم جبناء وخونة.
لم يقل احد في وجه هؤلاء الرواية الاصلية، اذ كان الفلسطينيون بلا سلاح نهائيا، وحين خرجوا من قراهم وتركوا ارضهم، خرجوا صيانة لاعراضهم، التي اعتدى عليها الاحتلال، ولان الوعي انذاك كان مشتتا بفعل غياب المعلومة، وغياب القيادة، وغياب القوة، اعتقد كثيرون ان اليهود يغتصبون كل فلسطينية، فكان العرض اغلى من الارض، والخروج صيانة للعرض، حتى تنتهي الكارثة بعد ايام، ويعودون.
بل ان العرب ساعدوا في التضليل الاعلامي، حين قالوا للناس، انها بضعة ايام ويعودون، وكأنهم شجعوا هؤلاء على الخروج مؤقتا، فأكتشفوا الخديعة لاحقا، ومازالوا ينتظرون.
ليست دعوة لتبرئة شعب، لكنها دعوة للتوثيق، سماع شهود العيان، ونريد جهدا كبيرا جدا، ممولا ماليا، لنسمع ونقرأ الاف الشهادات الفردية والعائلية، من اجل ايصالها لهذه الاجيال، التي لاتعرف الا القليل من التفاصيل.
ادامة الارتباط بفلسطين، ليس مجرد شعار، ولا تمني، هذه ادامة بحاجة الى جهد، ولعل الصحف العربية مطالبة ايضا، بنشر حلقات يومية او اسبوعية تحت عنوان «شاهد عيان» للاجئ او للنازح، من اجل ان يروي حكايته، ومن اجل تعزيز الرواية بالتفاصيل،بدلا من محو الروايات الاصلية، وترك ذهنية الشباب ذكورا واناثا، للتعبئة باي بديل تافه.
شهود العيان، يغيبون اليوم، وتضيع حكاياتهم عن فلسطين القضية، في مجالسهم العائلية، التي تتداول القصص الصغيرة هنا وهناك، دون توثيق، او تسجيل او كتابة، او اي شكل من اشكال الارشفة، والمؤكد ان كل المحاولات في هذا الصدد جيدة، لكنها غير كافية.
شهود العيان، لن ينتظرون طويلا، وسنصحو على اجيال، لم تعرف فلسطين ابدا، وتسمع عنها، وهذا هو الخطر الكبير، الواجب تجنبه مبكرا، اذا كان لدى احدنا نية خالصة لله.
الدستور
- See more at: http://www.addustour.com/17861/%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%AF+%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D9%86.html#sthash.KcPt9Fg1.dpuf